«من وما في اللفظ مفردان مذكران صالحان للمثنى والمجموع والمؤنث فإن عني بهما أحد هذه الأشياء فمراعاة اللفظ فيما يعبر به عنهما من الضمير والإشارة ونحوهما أكثر وأغلب وإنما كان كذلك؛ لأن اللفظ أقرب إلى تلك العبارة المحمولة عليهما من المعنى إذ هو وصلة إلى المعنى ... ثم قال: «وإن تقدم على المحمول على من وما وشبههما من المحتملات ما يقصد المعنى في ذلك المحمول كقولك منهن من أحبها فهو أولى من قولك أحبه لتقدم لفظة منهن فلهذا لم يختلف القراء في تذكير: ومن يقنت منكنّ - ومن يأت بخلاف قوله تعالى: وتعمل لأنه جاء بعد قوله: منكنّ وهو عاضد للمعنى فلذا قال: نؤتها أجرها. وإن حصل بمراعاة اللفظ ليس وجب مراعاة المعنى فلا تقول: لقيت من أحبه وأنت تريد من النسوان إلا أن يكونه هناك قرينة. ويجب أيضا مراعاة المعنى فيما وجب مطابقته للمحمول على المعنى نحو: من هي محسنة أمّك ولا يجوز محسن لأنه خبر لهي المحمولة على معنى من الذي بمعنى التي والخبر المشتق يجب مطابقته للمبتدأ تذكيرا وتأنيثا وإفرادا وتثنية وجمعا». ثم قال: «وأجاز ابن السراج من هي محسن نظرا إلى أن هي مراد به من الذي يجوز اعتبار لفظه ومعناه فإن حذف هى التي صدر الصلة كما في قولهم ما أنا بالّذي قائل لك شيئا وقيل من محسن أمّك سهل التذكير؛ لأن المقدر لم يتعين كونه بلفظ المذكر أو المؤنث والأصل الحمل على اللفظ كما مر فيقدر مذكرا. ولكون مراعاة اللفظ أكثر وأولى من مراعاة المعنى كان إذا اجتمع المراعاتان تقديم مراعاة اللفظ أكثر من العكس قال تعالى: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ» حملا على اللفظ. ثم قال: (خالدين) حملا على المعنى». (٢) شرح التسهيل: (١/ ٢١٢).