للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وذكر ابن عصفور (١): أن سبب الحمل على المعنى عند الكوفيين مراعاة المعنى وكون اللفظ لا يمكن ظهور المعنى فيه فلا يجوز عندهم من ضربته أجمعين إخوتك بتأكيد الضمير المنصوب على المعنى لأنه يمكن أن يظهر المعنى في اللفظ فتقول من ضربتهم أجمعين إخوتك فيجوز عندهم من ضربته أجمعون إخوتك على أن تجعله تأكيدا لمن على المعنى لأن المعنى لا يظهر في لفظه. ومذهب البصريين هو الصحيح بدليل قوله تعالى: يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ (٢). فخالدين حال من الضمير المنصوب في يدخله وقد جمع حملا على المعنى مع أن إظهار المعنى في اللفظ ممكن.

- ومنها: أنه تقدم أنه لا فرق في مراعاة لفظ من وما ومعناهما بين الموصولتين والشرطيتين والاستفهاميتين. وتقدم التمثيل بقوله تعالى: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً (٣) مما وجد فيه الحمل على اللفظ ثم الحمل على المعنى ثم الحمل على اللفظ.

ومثله قوله تعالى: وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (٣٦) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (٣٧) حَتَّى إِذا جاءَنا (٤).

وأما من قرأ جاءانا على التثنية فهو ضمير العاشي والقرين (٥).

قالوا: ومما وقع فيه الحمل على اللفظ خاصة ولا يجوز الحمل على المعنى قولهم في التعجب ما أحسن زيدا. وإن كان الذي أوجب التعجب صفة مؤنثة أو صفات متعددة وعكسه أي ما وقع فيه الحمل على المعنى ولا يجوز فيه الحمل على اللفظ قولهم ما جاءت حاجتك كأنه قال: أية حاجة صارت حاجتك.

ولك أن تقول: أما ما جاءت حاجتك فكلام يجب الوقوف فيه على الوارد من العرب؛ لأن «جاءت» فيه بمعنى صارت. واستعمال «جاءت» بهذا المعنى شاذ. -


(١) شرح الجمل له (١/ ١٣٨) وما بعدها بتحقيق الشغار ويعقوب.
(٢)،
(٣) سورة الطلاق: ١١.
(٤) سورة الزخرف: ٣٦ - ٣٨.
(٥) في التبيان للعكبري (٢/ ١١٣٩): قال أبو البقاء: قوله تعالى: جاءَنا على الإفراد ردّا على لفظ من وعلى التثنية ردّا على القرينين الكافر وشيطانه.
وفي تعليق المحقق قال: حَتَّى إِذا جاءَنا قرأه الحرميان وأبو بكر وابن عامر على التثنية.

<<  <  ج: ص:  >  >>