للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فهي لو الامتناعية أشربت معنى التمني ففيه نظر (١).

والقول الثالث: وهو الذي يراه المصنف: أن لو هي المصدرية وهي واقعة بعد فعل الوداد، ولكن الفعل حذف وجعلت لو دالة عليه. ولا يتحقق هذا الذي ذكره؛ لأن تقديره يقتضي أن تكون لو مصدرية وإذا كانت مصدرية كان الفعل المقدر قبلها منصبّا على المصدر المنسبك منها ومن الفعل الذي هو [١/ ٢٦٤] صلتها فلا تكون هي حينئذ مغنية عن التمني، بل إنما فهم التمني من ذلك الفعل المقدر.

وإذا كان كذلك وكان ثم فعل منصوب كان النصب بسبب العطف على المصدر لا بسبب التمني المفهوم من وددنا.

والظاهر أن لو هي المفيدة للتمني بنفسها كما يعطيه ظاهر كلام الزمخشري، وعند إفادتها التمني لا تكون مصدرية، وما رد به المصنف من أن ذلك يستلزم منع الجمع بينهما وبين فعل التمني فممنوع، فإن الواقعة بعد فعل التمني لا تمنى فيها؛ وإنما هي مصدرية محضة؛ فالجمع بينها وبين فعل التمني ليس جمعا بين نائب ومنوب عنه والمقيدة للتمني ليست المصدرية كما تقدم، فلا يحتاج إلى تقدير فعل قبلهما، وكما أنها حال إفادتها التمني ليست مصدرية، فكذا ليست الامتناعية وانما المفيدة للتمني قسم برأسه.

وقد قال بما ذكرته ابن هشام (٢) وابن الضائع حتى قالا: «إنّها لا تحتاج إلى جواب كجواب الشّرط، ولكن قد يؤتى لها بجواب منصوب كجواب ليت» (٣). -


(١) قوله ففيه نظر: هو الذي ذكر عن ابن مالك تعليقا على الزمخشري:
«وقد تجيء لو في معنى التمنّي كقولك: لو تأتيني فتحدثني» قال ابن مالك: إن أراد أن الأصل وددت لو تأتيني فتحدثني فحذف فعل التّمني لدلالة لو عليه فأشبهت ليت في الإشعار بمعنى التمني فكان لها جواب كجوابها فصحيح. أو أنّها حرف وضع للتّمني كليت فممنوع لاستلزامه
منع الجمع بينها وبين فعل التّمني كما لا يجمع بينه وبين ليت». وانظر المعنى (١/ ٢٦٧).
(٢) هو ابن هشام الخضراوي محمد بن يحيى المتوفى سنة (٦٤٦ هـ) سبقت ترجمته.
(٣) قال ابن الضائع في شرح الجمل (مخطوط بدار الكتب رقم ١٩ جزء ١ ورقة ٦٢) «واعلم أنّ لو قد تكون بمعنى التّمني كقوله تعالى: لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ [البقرة: ١٦٧].
وقال تعالى: وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ [سورة القلم: ٩].
ومنه: إلا ماء ولو باردا.
ويحسن أن يكون منه قول امرئ القيس (من الطويل): -

<<  <  ج: ص:  >  >>