للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأول أولى؛ لأن التاء لا يستغنى عنها، والكاف يستغنى عنها، وما لا يستغنى عنه أولى بالفاعلية مما يستغنى عنه، ولأن التاء محكوم بفاعليتها مع غير هذا الفعل بإجماع والكاف بخلاف ذلك؛ فلا يعدل عما ثبت لهما دون دليل.

فلو لم يرد بـ (أرأيت) معنى أخبرني وجب للتاء والكاف مجتمعين ما يجب لهما منفردين فيقال: أرأيتك قادرا، وأرأيتك قادرة، وأرأيتما كما قادرين، أرأيتموكم قادرين، أرأيتنكنّ قادرات، كما يقال: أعلمتك قادرا، وأعلمتما كما قادرين، وأعلمتموكم قادرين، وأعلمتك قادرة، وأعلمتنكن قادرات. هذا كلام المصنف (١).

وحاصل الأمر: أن رأيت التي بمعنى علمت يدخل عليها همزة الاستفهام. ولا شك أنها تتعدى إلى اثنين؛ فإن لم

يضمن معنى فعل آخر واستعملت على أصل موضعها - جاز أن يتصل بها الكاف ضميرا منصوبا، ويكون مطابقا للضمير المرفوع في إفراد وتذكير وأضدادهما، وتكون مفعولا أولا وما بعده مفعولا ثانيا. وقد ذكر المصنف أمثلة ذلك.

وإن ضمنت معنى أخبرني انسلخ عنها معنى الاستفهام حتى لا تقتضي جوابا حينئذ، وجاز أن يتصل بها كاف الخطاب ويجيء فيها العمل الذي ذكره المصنف.

وقد تقدم ذكر أمثلته، وقد عرفت المذهبين المذكورين: وهما مذهب البصريين وهو أن التاء فاعلة والكاف حرف خطاب، ومذهب الفراء وهو أن الكاف فاعلة والتاء حرف خطاب كما التاء في أنت. ومستنده أن التاء لما تجردت للخطاب وأفردت له - لم يجز أن تكون مرفوعة لإفرادها؛ لأن التاء إذا كانت ضميرا لم تفرد مذكرة لمثنى ومجموع ومؤنث. بل تطابق ما كانت ضميرا له، فدل ذلك على سلب الاسمية عنها. ولما ظهرت الاسمية في الكاف قال: إنها المسند إليها الفعل على جهة الفاعلية.

وقد رد المصنف قول الفراء بما تقدم ذكره، وقد ذكر أن في المسألة مذهبا ثالثا.

قال الشيخ (٢): وفي محفوظي أنه مذهب الكسائي، وهو أن الكاف في موضع -


- ورد بأن الكاف يستغنى عنها بخلاف التاء، فكانت أولى بالفاعلية. وبأن التّاء محكوم بفاعليتها في غير هذا الفعل بإجماع، ولم يعهد ذلك في الكاف.
الثالث: أن الكاف في موضع نصب، وعليه الكسائي. ورد بما ذكره الشارح نقلا عن أبي حيان مما سيأتي قريبا.
(١) شرح التسهيل (١/ ٢٤٧).
(٢) التذييل والتكميل (٣/ ٢٠٤) والمغني (١/ ١٨١)، والهمع (١/ ٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>