للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

البصريين، وإن كان بعض المتأخرين قد عد هذه المسألة من مسائل الخلاف بين الكوفيين والبصريين (١). وأنكر ذلك ابن خروف، وقال: لا ينبغي أن يجعل بينهما خلاف؛ لأن سيبويه قد جعل الألف واللام عوضا من الضمير في قوله في باب البدل (٢):

«ضرب زيد الظّهر والبطن» وهو يريد: ظهره وبطنه ولم يقل الظهر منه ولا البطن منه.

ثم قال المصنف: «لما كان حرف التعريف مغنيا بإجماع (٣) عن الضمير في نحو: مررت برجل فأكرمت الرجل جاز أن يغني عنه في غير ذلك لاستوائهما في تعيين الأول، ولذلك لم يختلف في جواز نحو: مررت برجل حسن وجه أبيه.

واختلف في جواز نحو: مررت برجل حسن وجه أب؛ إذ ليس فيه ضمير ولا حرف تعريف، والمنع به أولى، وهو مذهب سيبويه (٤).

ومن ورود الألف واللام عوضا من الضمير قوله تعالى: فَأَمَّا مَنْ طَغى (٣٧) وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا (٣٨) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى (٣٩) وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى (٥). ذكر ذلك الأستاذ أبو الحسن بن خروف وعزاه إلى جماعة من أئمة النحو (٦)، وعلى ذلك يحمل قوله تعالى: جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ. (٧).

وزعم أبو علي والزمخشري أن الأبواب بدل من ضمير مستكن في مفتحة (٨)، -


(١) لم يذكر الأنباري (٥٧٧ هـ) هذه المسألة في كتابه المشهور: الإنصاف في مسائل الخلاف.
(٢) انظر نصه في: الكتاب (١/ ١٥٨).
(٣) في نسخة (ب): بإجماع مغنيا.
(٤) الكتاب (١/ ١٩٩).
(٥) سورة النازعات: ٣٧ - ٤١.
(٦) انظر: شرح التسهيل (١/ ٢٦٢).
(٧) سورةص: ٥٠.
(٨) قال الزمخشري: «جنّات منصوبة على أنها عطف بيان لحسن مآب. ومفتّحة: حال، والعامل فيها: ما في (للمتقين) من معنى الفعل، وفي مفتحة ضمير الجنات.
والأبواب: بدل من الضمير تقديره: مفتحة هي الأبواب، كقولهم: ضرب زيد اليد والرجل وهو من بدل الاشتمال، وقرئ: (جنات عدن مفتحة) بالرفع على أن جنات عدن مبتدأ ومفتحة خبره، أو كلاهما خبر مبتدأ محذوف، أي هو جنات عدن هي مفتّحة لهم» (انظر الكشاف للزمخشري: (٣/ ٣٧٨)، طبعة مصطفى البابي الحلبي سنة ١٩٧٢ م).
وقال أبو علي الفارسي: إن الفراء ذهب إلى أن الأبواب ترتفع بمفتحة والألف واللام خلف من الإضافة، ثم قال: وتأول ارتفاعها من هذه الجهة خطأ. فإن قلت: بما ترفع؟ فإن ارتفاعها عندي من جهتين:
إحداهما أن تكون بدلا من المضمر في «مفتحة» كأنه على فتحت الجنّة أبوابها، فأبدلت الأبواب من الجنات؛ لأنها منها وبعضها كما تقول: ضرب زيد رأسه، والأخرى أن يكون الأبواب مرتفعة بمفتحة -

<<  <  ج: ص:  >  >>