للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقال الشيخ: «الحدّ الذي ذكره للعمدة مدخول؛ لأن لنا من أجزاء الكلام ما يسوغ حذفه لدليل ولا يسمى عمدة، ولنا من أجزاء الكلام ما لا يسوغ حذفه، ولو كان عليه دليل ويسمى عمدة. فمثال الأول: الفعل؛ فإنه يسوغ حذفه لدليل ولا يسمى عمدة، ومثال الثاني: الفاعل والمفعول الذي لم يسمّ فاعله؛ فإن كلّا منهما يسمى عمدة، ولا يسوغ حذفه لدليل».

قال: «وكذا حدّ الفضلة يرد عليه بعض العمد الّذي يسوغ حذفه مطلقا.

فمن ذلك المبتدأ في قطع النّعت، والخبر في نحو: لولا زيد لأكرمتك» انتهى (١).

وفيما قاله نظر:

أما الدخل الذي ذكره على حد العمدة فلا يتجه.

أما الشق الأول: فغير لازم؛ لأن الفعل إنما هو مقصود في مدلول إعراب الاسم.

فالعمدة المحدودة أحد أقسام الاسم فلا يرد الفعل.

وأما الشق الثاني: فلا يرد أيضا؛ لأن كلّا من الفاعل والمفعول الذي لم يسمّ فاعله إنما امتنع حذفه لعارض، وهو كونه يؤدي إلى بقاء حديث من غير محدّث عنه؛ والمصنف إنما حد العمدة بالنظر إلى ذاتها لا بالنظر إلى ما يعرض لها، وهذا شأن الحدود. وأما ما أورده على حد الفضلة فغير وارد؛ لأن ما مثّل به (٢) إنما حذف دليل قام مقام اللفظ به، فهو داخل في حد العمدة ولم يدخل في حد الفضلة؛ لأنه ما ساغ حذفه مطلقا.

وإذا تقرر أن الاسم بحسب مدلول إعرابه إما عمدة أو فضلة أو بين العمدة والفضلة، وقد علم أن أنواع إعرابه ثلاثة: رفع ونصب وجر، فليعلم أن الرفع للعمدة والنصب للفضلة والجر لما بينهما.

وإنما كان كذلك لأن الاهتمام بالعمدة أشدّ من الاهتمام بغيره، فجعل إعرابه الرفع؛ لأن علامته الأصلية الضمة، وهي أظهر الحركات، وإنما قلنا إنها أظهر الحركات لوجهين (٣): -


(١) التذييل والتكميل (٣/ ٢٤٢، ٢٤٣).
(٢) وهو المبتدأ عند قطع النعت والخبر بعد أسلوب لولا. ومثال الأول: الحمد لله الحميد، ومثال الثاني: لولا زيد لأكرمتك.
(٣) انظر في ذلك: التذييل والتكميل (٣/ ٢٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>