للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وجواز الثاني دليل على أن التقدم لا أصلية للخبر فيه». انتهى (١).

وقد يقال: إنما كانت رتبة المبتدأ التقدم دون الخبر من جهة كونه محكوما عليه لا من جهة كونه عاملا، ويكون هذا نظير قوله تعالى: أَيًّا ما تَدْعُوا (٢)؛ فكل منهما عمل في الآخر، ووجب تقديم أي من جهة أخرى غير كونها عاملة (٣).

وقال الشيخ - بعد نقل كلام بعضهم: فتلخّص عن الكوفيين مذهبان (٤):

أحدهما: أن المبتدأ رافع للخبر والخبر رافع المبتدأ مطلقا، وسواء كان في الخبر ذكر للمبتدأ أم لم يكن له ذكر.

والثاني: التفصيل بين أن يكون له ذكر، فيكون المبتدأ مرفوعا بذلك الذكر، نحو: زيد ضربته - أو لا يكون فيكون مرفوعا بالخبر نحو: القائم زيد -.

قال (٥): والذي نختاره ونذهب إليه ويقتضيه النظر قول الكوفيين في أن كلّا منهما رافع الآخر (٦)، وذلك أن كلّا

منهما يقتضي الآخر فينبغي أن يكون عاملا فيه، ولأنه جار على القواعد؛ إذ أصل العمل إنما هو اللفظ ولم نجد إلا مبتدأ وخبرا ووجدناهما مرفوعين، وأمكن أن تنسب العمل لكل منهما في الآخر؛ إذ قد اختلفت جهتا الاقتضاء. كما وجدنا ذلك فيما هو متفق عليه أو كالمتفق عليه من اسم [١/ ٣٠٢] الشرط وفعله، وكان في ذلك بقاء على أن العامل لفظي دون غيره.

وطول الشيخ في ذلك، وأبطل ما رد به المذهب المذكور، فأضربت عنه خوف -


(١) شرح التسهيل.
(٢) سورة الإسراء: ١١٠.
(٣) وهي كونها أداة شرط.
(٤) التذييل والتكميل (٣/ ٢٦٥).
(٥) أي أبو حيان، وانظر التذييل والتكميل له (٣/ ٢٦٦).
(٦) انظر المسألة بالتفصيل في كتاب: الإنصاف في مسائل الخلاف: (١/ ٤٤) المسألة الخامسة:
قال أبو البركات الأنباري: ذهب الكوفيون إلى أن المبتدأ يرفع الخبر والخبر يرفع المبتدأ، فهما يترافعان، وذلك نحو زيد أخوك وعمرو غلامك، وذهب البصريون إلى أن المبتدأ يرتفع بالابتداء، وأما الخبر فاختلفوا فيه: فذهب قوم إلى أنه يرتفع بالابتداء وحده، وذهب قوم إلى أنه يرتفع بالابتداء والمبتدأ معا، وذهب آخرون إلى أنه يرتفع بالمبتدأ والمبتدأ يرتفع بالابتداء ... إلخ.
ثم رجح رأي البصريّين في أن العامل في المبتدأ هو الابتداء. وأما العامل في الخبر فقال فيه: والتحقيق عندي فيه أن يقال: إن الابتداء هو العامل في الخبر بوساطة المبتدأ؛ لأنه لا ينفك عنه ورتبته أن لا يقع إلا بعده؛ فالابتداء يعمل في الخبر عند وجود المبتدأ لا به كما أن النّار تسخّن الماء بواسطة القدر والحطب ... إلخ. وما اختاره هو المذهب الثالث في الشرح.

<<  <  ج: ص:  >  >>