وأما قوله تعالى: فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى إلى آخر ما ذكر مما جاء في القرآن العزيز فإنّما لم يحذف الخبر لكونه لا يدلّ على حذفه دليل ولم يمكن جعل إذا في الآيات خبرا؛ لأن المقصود الإخبار عن المبتدأ الّذي بعد إذا بأشياء لم تكن
معلومة للسّامع إلّا من ذكر الخبر، قال: وإنما بنى المصنف على ما اختاره هو من كون إذا الفجائية حرفا، فلا يصحّ أن يكون خبرا». انتهى.
وسيأتي الكلام على (إذا) المشار إليها في باب الظروف، لكن نشير إلى ذلك الآن ملخصا:
اعلم أنهم اختلفوا فيها: هل هي اسم أو حرف:
فمذهب الفراء وهو رأي المصنف ونسبه إلى الأخفش أنها حرف، وذهب غيرهم إلى أنها اسم، ثم اختلفوا؛ فالأكثرون على أنها ظرف مكان.
قال الشيخ:«وهو ظاهر كلام سيبويه وهو الذي تلقّيناه من الشيوخ»(١).
وقيل: إنّها ظرف زمان، واختلف إذا كانت ظرفا: هل يلزم الإضافة [١/ ٣٠٦] إلى جملة أو لا.
وإذا تقرر هذا فلا يخلو إما أن يذكر بعدها مبتدأ فقط أو مبتدأ وخبر: فإن ذكر بعدها مبتدأ فقط وقلنا بأنها حرف أو اسم وتلزم الإضافة إلى جملة - لزم أن يكون الخبر محذوفا، والتقدير: فإذا السّبع حاضر أو موجود. وعلى القول بأنه لا يلزمها الإضافة إلى جملة إذا كانت اسما وقلنا: إنها ظرف مكان - كانت خبرا عما بعدها حدثا كان أو جثة، وإن قلنا: إنها ظرف زمان كانت خبرا عما بعدها إن كان حدثا نحو: خرجت فإذا القتال. وإلا فالخبر محذوف إن كانت جثة وهو العامل في إذا.
وإن ذكر بعدها مبتدأ وخبر فعلى القول بالحرفية ظاهر، وعلى القول بالاسمية هي معمول بالخبر، ويجوز حينئذ نصب الخبر المذكور وجعل إذا خبرا عن المبتدأ الذي بعدها حدثا كان أو جثة إن قلنا: إنها ظرف مكان وحدثا خاصة إن قلنا: إنها ظرف زمان.
وأما الحذف الواجب:
فضابطه أن يدل عليه دليل، ويسد غيره مسده، وهو محصور في أربعة مواضع: -