للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مع فعل وفاعل؛ لأن الأصل فيه عند من يراه ضربي زيدا مستقر إذا كان قائما.

وأيضا فإن الثاني حذف فيه خبر عامل بقي معموله، ودلالة المعمول على عامله قوية، والوجه الأول بقي فيه بعد الحذف معمول عامل أضيف إليه نائب عن الخبر الأصلي الذي هو مستقر، فضعفت الدلالة لبعد الأصل وكثرة الوسايط.

وأيضا فإن الحاذف على الوجه الثاني أبين عذرا في الحذف؛ لأن المحذوف لفظه مماثل للفظ المبتدأ، فيستثقل لذلك ويقوى الباعث على الحذف، وليس في قول القائل ضربي زيدا ضربه قائما تعرض لكون زيد وقع به غير الضرب المقارن لقيامه أو لما يقع، بل تعرض به لما تعرض بقولك: ضربته قائما.

وأما الوجه الثالث من الخمسة، وهو أن يغني فاعل المصدر عن الخبر إغناء المرفوع بالوصف (١) - فضعفه بيّن لأنه لو صح لصح الاقتصار على المصدر والفاعل كما يصح الاقتصار على الوصف وفاعله، فكان يقال: ضربي، فيحسن السكوت عليه لأن فيه معنى ضربت، كما يحسن السكوت على أقائم الزيدان؛ لأن فيه معنى يقوم الزيدان؛ وفي امتناع ذلك وجواز هذا دليل على فساد القول بتساويهما (٢).

وأما الوجه الرابع [١/ ٣١٢] وهو أن تكون الحال مغنية عن الخبر لشبهها بالظرف (فهو رأي ابن كيسان) (٣)، وهو غير صحيح أيضا؛ لأن الحال إذا أقيمت مقام الخبر لشبهها بالظرف، فإما ألا يقدر لها عامل أو يقدر: فإن لم يقدر لزم من ذلك استغناؤهما عما لا يستغني عنه الظرف، مع أنه أصل بالنسبة إليها، ولو جاز ذلك مع المصدر لجاز مع غيره، فكان يقال زيد قائما؛ لأنه بمعنى في حال قيام. وإن قدر لها عامل لم يكن ذلك العامل إلا مثل المقدر للظرف؛ فكما يقال في قولك: زيد في حال قيام تقديره: زيد مستقر في حال قيام - كان يقال في: ضربي زيدا قائما:

ضربي زيدا مستقر قائما فكان يلزم من ذلك الإخبار عن الضرب بما للضارب، وذلك محال (٤)، وما أفضى إلى المحال محال. -


(١) في شرح التسهيل: إغناء الفاعل عنه في نحو: أقائم الزيدان.
(٢) شرح التسهيل (١/ ٢٨١).
(٣) ما بين القوسين زيادة من الشارح على شرح التسهيل لابن مالك.
(٤) هو اعتقاد منه أن الاستقرار لا يكون إلّا للضارب، ولكن لا مانع أن يكون الاستقرار للضرب أيضا.

<<  <  ج: ص:  >  >>