للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأما الوجه الخامس، فإنه وجه يلزم أبا علي القول به لأنه أجاز في قولهم: أول ما أقول إني أحمد الله بالكسر أن يكون (إني) محكيّا بالقول، فيكون من صلته ويكون خبر المبتدأ الذي هو أول ما أقول محذوفا كأنه قال: أول قولى هذا الكلام ثابت؛ فكما جاز أن يحذف الخبر هناك بلا دليل زائد على الحاجة إليه، كذلك يلزمه تجويز حذف الخبر هنا وتقديره بمثل ما قدره هناك؛ لأن الحاجة إليهما سواء، والمخبر عنه في الصورتين مصدر؛ لأن أول القول قول، والصحيح في قولهم: أول ما أقول إني أحمد الله بالكسر أن يكون كلاما تامّا، فيجعل أول ما أقول مبتدأ تامّا، وإني أحمد الله خبرا عنه كأنه قال: مبتدأ كلامي هذا الكلام، ولا يصح أن يقدر ثابت خبرا؛ لأن ذلك يقتضي ثبوت أول هذا القول، وأول الشيء غير جميعه، فيكون الثابت أول حرف من الجملة إن نويت حروفها وأول كلمة منها إن نويت كلماتها وكلاهما ليس مقصودا فتعين كونه مردودا (١).

وأيضا فإن تقدير ثابت خبرا بعد إني أحمد الله، وبعد ضربي زيدا قائما وأمثالهما - تقدير ما لا دليل عليه؛ إذ ليس هو بالتقدير أولى من غيره من المقدرات الممكنة، وحذف ما كان في حذفه كذلك ممنوع.

وفي رد هذا الوجه الخامس إشعار برد الوجه السادس؛ لأن مبناه على تقدير ما لا يتعين تقديره وتقدير ما عدم نظيره، فثبت بمجموع ما ذكرته أن أولى الأوجه الستة بالصواب ما ذهب إليه الأخفش ويليه الأول، وما سواهما ضعفه بيّن واطراحه متعين. انتهى كلام المصنف (٢).

وذكر سيدنا الشيخ بهاء الدين بن النحاس - عفا الله تعالى عنه - المذاهب المذكورة في هذه المسألة، وتكلم فيها مذهبا مذهبا، فأحببت ذكرها كما أوردها (٣)؛ لأن في كلامه فوائد لم يتضمنها كلام المصنف. -


(١) انظر إلى ما يقوله ابن مالك، وكيف يحاسب المثال حسابا شديدا، ومن الذي ينوي أن ينطق حرفا من الجملة أو كلمة منها ثم يسكت؟
(٢) شرح التسهيل (١/ ٢٨٢).
(٣) انظر الى أمانة هذا الرجل وهو ناظر الجيش ينقل ويسند النقل، ولا يهضم حقّا لصاحبه. وتعرف أمانته إذا قلت لك أن ما نقله ناظر الجيش وأسنده نقل أكثره أبو حيان ولم يسنده، وانظر هذا النقل في التذييل والتكميل: (٣/ ٢٩٠) وانظره أيضا في الهمع: (١/ ١٠٥، ١٠٦) ولم يسنده هو الآخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>