للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فقال بعضهم: «شرّ النساء خبر مقدم، والبحاتر مبتدأ مؤخّر، ولا يجوز غيره؛ لأن الشّاعر أراد أن يحكم على البحاتر أنهن شرّ النساء». وقال بعضهم: «لا يجوز ذلك لئلّا ينقلب المبتدأ خبرا والخبر مبتدأ» وجوز ابن السيد في البيت الأمرين (١).

والحق أنه إذا لم يكن قرينة تفصل المبتدأ من الخبر لزم ذكر كل منهما في رتبته، ولو عكست انعكست النسبة. وبيان ذلك فيما إذا كانا معرفتين أن الشيء قد يكون له صفتان من صفات التعريف، ويكون السامع عالما باتصافه بإحداهما دون الأخرى إذا أردت أن تخبر بأنه متصف بالأخرى، فتعمد إلى اللفظ الدال على الأولى، وتجعله مبتدأ، وتعمد إلى اللفظ الدال على الثانية وتجعله خبرا، فتفيد السامع ما كان يجهله من اتصافه بالثانية.

كما إذا كان للسامع أخ يسمى زيدا وهو يعرف بعينه واسمه، ولكن لا يعرف أنه أخوه وأردت أن تعرفه أنه أخوه، فتقول له: زيد أخوك سواء عرف أن له أخا ولم يعرف أن زيدا أخوه: أو لم يعرف أن له أخا أصلا، وإن عرف أن له أخا في الجملة وأردت أن تعينه عنده قلت: أخوك زيد. أما إذا لم يعرف أن له أخا أصلا فلا يقال -


- اللغة: قصيرة: قال صاحب اللسان (مادة قصر) «امرأة قصيرة ومقصورة مصونة محبوسة في البيت لا تترك أن تخرج». الحجال: جمع حجلة وهي ثياب العروس وأصله بيت يزين بالثياب والأسرة والستور.
البحاتر: قال في اللسان (مادة بحترة) «البحتر بالضّمّ القصير المجتمع الخلق والأنثى بحترة والجمع البحاتر».
وكثير يمدح فتاته بأنها مصونة محبوسة عن أعين الناس، وذكر أن حبيبته فارعة طويلة وليست بالقصيرة؛ لأن القصير في النساء مذموم.
وفي البيت كلام كثير في الشرح، هل يكون قوله: شر النساء خبرا مقدما وما بعده مبتدأ مؤخرا؟ أم يكون العكس؟ والصحيح كما حكاه ابن السيد جواز الأمرين.
واستشهد النحاة: بالبيت الأول لإعادة ضمير الخطاب على الموصول.
والبيتان في التذييل والتكميل (٣/ ٩٨، ٣٢٤، ٣٣٩) ومعجم الشواهد (ص ١٥٥).
(١) انظر كتاب المسائل والأجوبة لأبي محمد عبد الله بن محمد بن السيد البطليموسي دراسة وتحقيق (ص ١٩٩) تحقيق المسألة الثانية عشرة.
يحكي ابن السيد أن تلميذا سأل أستاذه: ماذا يجوز في قول كثير السابق، فيقول على لسان التلميذ:
قال بعضهم: البحاتر مبتدأ وشر النساء خبر.
وقال بعضهم: شرّ النّساء هو المبتدأ، والبحاتر خبر.
وأنكرت أنا هذا القول وقلت: لا يجوز إلا أن يكون البحاتر هو المبتدأ وشرّ النساء هو الخبر.
يقول ابن السيد: فقلت له الّذي قلت هو الوجه المختار، وما قاله النّحويّ الذي حكيت عنه جائز غير ممتنع.

<<  <  ج: ص:  >  >>