للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أي: خليل من لا أشك في صحة خلته، ولا يتغير في حضوره ولا غيبته، وشعري على ما ثبت في النفوس من

جزالته، والتوصل به من المراد إلى غايته، وقد يفعل مثل هذا بجواب الشرط (١) كقولك: من قصدني فقد قصدني، أي فقد قصد من عرف بنجاح قاصده، ومنه قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله» (٢). يعني أن المعنى: فقد وقعت موقعها لما حصل فيها من جزيل الثواب.

وقد يكون مغايرا للمبتدأ في لفظه ومعناه، والحامل على ذلك الإعلام بالتساوي في الحكم حقيقة كقوله تعالى: وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ (٣) أو مجازا كقول الشّاعر:

٦٠٤ - ومجاشع قصب هوت أجوافها ... لو ينفخون من الخؤرة طاروا (٤)

وقد يكون المغاير لفظا ومعنى قائما مقام مضاف كقوله تعالى: هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ (٥)، وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ (٦) ويدخل في هذا أيضا الدال على التساوي مجازا، فيقدر فعل مضاف إلى الخبر في قولهم: زيد زهير ومجاشع قصب، ونحو ذلك، وقد يكون المغاير لفظا ومعنى مشعرا بحال تلحق العين بالمعنى -


- شرح التسهيل: (١/ ٣٠٤) والتذييل والتكميل: (٤/ ١٠) ومعجم الشواهد (ص ٤٧٨).
(١) معناه أن جواب الشرط لا بد أن يكون مغايرا لفعله وهو الكثير المشهور، ولكنهما قد يتحدان للمعاني التي يذكرها.
(٢) الحديث في صحيح البخاري: (١/ ١٦) من كتاب الإيمان وأيضا في (٧/ ٤) من كتاب النكاح.
(٣) سورة الأحزاب: ٦.
(٤) البيت من رائية طويلة لجرير بن عطية يرثي بها زوجته نوار، ثم انتقل بعد الرثاء إلى هجاء الفرزدق، ونص البيت كما في ديوان جرير (ص ٢٠٧) طبعة بيروت يقول:
لا يخفينّ عليك أنّ مجاشعا ... لو ينفخون من الخؤور لطاروا
اللغة: قصب: نبات معروف. هوت: يقال: هوى صوره إذا خلا. الخؤرة: الضعف.
معناه: أن هذه القبيلة ضعيفة لا خير فيها، وهي بمنزلة عيدان القصب الخالية من الداخل، وصدورهم خالية كالهواء أيضا، والأمر كما قال الله تعالى في الظالمين: وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ [إبراهيم: ٤٣].
والشاهد فيه: قوله: ومجاشع قصب حيث غاير الخبر المبتدأ في لفظه ومعناه، ولكنه ساواه مجازا حيث المراد تشبيه الأول بالثاني، والبيت في شرح التسهيل (١/ ٣٠٥) والتذييل والتكميل: (٤/ ١١) وليس في معجم الشواهد.
(٥) سورةآل عمران: ١٦٣.
(٦) سورة البقرة: ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>