للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و: فظلت أعناقهم لها خاضعين هم. وقد تأول البصريين ذلك كله بما فيه تكلف:

فقالوا في الثلاثة الأولى ما تقدم ذكره في كلام المصنف.

وقالوا في لمحقوقة: إنه ليس فيه ضمير وإن المرفوع فيه قوله: أن تستجيبي، وأنث على المعنى؛ التقدير: لمحقوقة استجابتك (١). وكذا ذكروا ذلك في لجديرة أيضا.

ولا شك أن تقديره: لأنت محقوقة ولأنت جديرة أسهل من هذا.

وقالوا في كل ذي عين ناظرة إليك: إن التقدير ألحاظ كل عين ناظرة إليك.

وأما قوله تعالى: فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ (٢) فقالوا: ليس خاضعين حالا من الهاء فتكون الصفة جارية على غير من هي له، وإنما هو حال من الفاعل المستتر في المجرور. قيل على هذا فينبغي أن تكون خاضعة؟ فأجيب أن هذا محمول على المعنى، وعلى ما يصلح أن يقع في هذا الموضع مما معناه كمعناه.

وكان الذي حمل عليه هذا كونه بمعنى: فظلوا لها خاضعين كما جاء:

٦٢١ - [فإمّا تري لمّتي بدّلت] ... فإنّ الحوادث أودى بها (٣)

لأنه في معنى الحدثان، وقالوا: إن ذلك على إقحام الأعناق؛ لأنه يجوز: فظلوا لها خاضعين في معنى: فظلت أعناقهم لها خاضعين، وقالوا: يجوز أن يراد بالأعناق الجماعات، ولا يخفى وجه التكلف في هذه التأويلات، فالظاهر أن الصواب هو ما اختاره المصنف من قول الكوفيين.


(١) انظر هذا الرأي مسندا لأبي علي الفارسي في الأمالي الشجرية (٢/ ٥٦) (الطناحي) قال: وقد أجروا اسم المفعول وهو قوله: لمحقوقة على اسم إنّ خبرا وهو للمرأة المخاطبة، ودفع أبو عليّ هذا الاعتراض بأن قال: ليس في قوله لمحقوقة ضمير لأنه مسند إلى المصدر الذي هو أن تستجيبي، فالتقدير لمحقوقة استجابتك، فجعل التأنيث في قوله لمحقوقة للاستجابة.
(٢) سورة الشعراء: ٤.
(٣) البيت من بحر المتقارب وهو للأعشى من قصيدة يمدح بها رهط عبد المدان بن الديان سادة نجران من بني الحرث بن كعب، وهي في ديوان الأعشى (ص ٢٣)، وبيت الشاهد ثالثها.
اللغة: اللّمّة: الشعر الذي يلم بالمنكب. بدّلت: غيرها الدهر. الحوادث: الأحداث التي تصيب الإنسان. أودى بها: ذهب بها وغيّرها.
والمعنى: يقول الأعشى لحبيبته: إذا رأيت الشيب قد ظهر عليّ، فابيض شعري، وتغير وجهي - فلا تستبعدي ذلك، فإن حوادث الدهر الكثيرة تصيبني من حين إلى حين فتهلكني.
وشاهده قوله: فإن الحوادث أودى بها، حيث حذفت التاء ضرورة من الفعل المسند إلى ضمير المؤنث المجازي، والواجب تأنيثه، وقد خرج على أن الحوادث في معنى الحدثان، والحدثان مذكر، فذكر الفعل. والبيت في معجم الشواهد (ص ٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>