للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقد تقدم الكلام على هذه الآية الشريفة، وأن هذا القول هو قول الأخفش والكسائي، وأنه ربط بالمعنى والربط بالمعنى لا ينقاس، ولذلك لما قالت العرب:

مررت برجل حسن أبواه جميلين، وربط الصفة التي هي جميلين بالموصوف الذي هو الرجل الضمير المستتر فيها، وهو عائد على الأبوين لا على الموصوف؛ لكون ذلك الضمير يفيد ما يفيده قولك: جميل أبواه - لم يجز النحويون قياسا عليه أن يقال: مررت برجل حسنين جميل أبواه على إعمال الصفة الثانية والإضمار في الصفة الأولى.

وقيل: الضمير العائد على الأبوين من الصفة الأولى رابط للموصوف كما جعل في الصفة الثانية من قولك: مررت برجل حسن أبواه جميلين؛ لأن الربط بالمعنى إنما سمع عن العرب في الصفة الثانية لا في الأولى، فلم يتعد به موضع السماع.

ولذلك أجاز سيبويه (١) أن تقول: مررت برجل عاقلة أمّه لبيبة على أن تجعل اللبيبة مضمر فيها الأم.

ووقوع المضمر عائدا على المبتدأ مبدلا من بعض ما في الجملة الموضوعة موضع خبره مثاله: حسن الجارية أعجبتني هو، فحسن مبتدأ والجملة بعده خبر ولا رابط فيه، لكنه ربط بالبدل الذي هو هو (٢) إذ هو بدل من ضمير الجارية، وفي الربط بهذا خلاف مذكور في باب البدل (٣).


(١) انظر الكتاب: (٢/ ٥١) وفيه جر عاقلة على الوصف، ونصب لبيبة على الحال.
(٢) كلمة هو الثانية ساقطة من نسخة الدار وهي في الأصل، وفي إثباتها وضوح وجلاء.
(٣) انظر ذلك في (التوابع) باب البدل من الكتاب الذي بين يديك، قال ناظر الجيش في معرض تقسيم البدل إلى أربعة أقسام بالنظر إلى الإظهار والإضمار وأن بدل المضمر من غيره فيه تكلف، قال: «وهذه المسائل التي تؤدّي إلى تكرار الظّاهر فيها خلاف بين النّحويين: فمنهم من منع ومنهم من أجاز، فالذي منعه حمله على ذلك خلو الجملة الواقعة خبرا من ضمير يعود على المخبر عنه؛ لأن البدل على قصد تكرار العامل والاستئناف، وعلى هذا تخلو الجملة الواقعة خبرا من ضمير المبتدأ، والذي أجاز اعتدّ بالضمير المبدل لما كان العامل فيه غير موجود في اللفظ، فصار لذلك من تمام الجملة المتقدّمة؛ ولذلك لا يتكلم بالبدل وحده كما يتكلم بالجمل المستأنفة».

<<  <  ج: ص:  >  >>