للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأطلقوا الأسرى، وسألوهم أن يتوسطوا فى إصلاح أمرهم مع السلطان خشية على أنفسهم، فهؤلاء عرّفوا الأمراء، فأشارت الأمراء على بيدرا بإصلاح الأمور وإلا منعت العسكر، واتفق الحال على أن الجبلية أرسلوا من استحلف بيدرا والأمراء على أنهم لا يؤذونهم ولا يخونونهم، فانصلح الأمر بينهم، ثم نزلوا بالإقامات وأحضروا هدايا كثيرة، وخلع بيدرا عليهم، وكتب عليهم، بمال يحملونه كل سنة، واستحلفهم للسلطان، ثم رحل عنهم (١).

ولما وصل إلى دمشق كان الخبر وصل قبله إلى السلطان وكان بين مصدق ومكذب، فلما حضر بيدرا تحقق الخبر، فأخذ يسبه وينكته بالقول، ويقول ويلك مثلك نائب السلطان وتروح إلى أناس فلاحين فى جبل وتكسر عسكرى وتنكسر أنت، فأغلظ عليه بالقول كثيرا، وآخر الأمر قال له: أخرج من وجهى وإلا ضربت رقبتك.

فخرج من بين يديه وهو فى ألم عظيم (٢)، وحصلت له حمى حادة، وأصبح خبره شائعا بضعفه، وركبت إليه الأمراء، فمنع من يدخل إليه، وسير السلطان الحكماء والوزير إليه، وتألم بسببه، [٤٩] وبقى من العشر الأول من رمضان إلى نصفه والسلطان ينزل إليه ويطيب خاطره، ورسم أن يرتب له فى كل يوم


(١) ذكر المقريزى: فلقيهم أهل الجبال، وعاد بيدرا شبه المهزوم، واضطرب العسكر اضطرابا عظيما، فطمع أهل الجبال فيهم، وتشوش الأمراء من ذلك، وحقدوا على بيدرا ونسبوه أنه أخذ منهم الرشوة، - السلوك ج‍ ١ ص ٧٧٩، وانظر أيضا ما ورد بهذا الخصوص فى تاريخ ابن الفرات ج ٨ ص ١٤٢ - ١٤٣.
(٢) ذكر المقريزى «فلما عاد (بيدرا) إلى دمشق تلقاه السلطان وترجل له عند السلام عليه، وعاتبه سرا فيما كان منه» - السلوك ج‍ ١ ص ٧٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>