للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلما وقف السلطان على كتابه طلب الأمراء وعرّفهم بذلك، فشرع كل واحد منهم يحسن للسلطان أمر الغزاة وفتح القلاع، وأن سيس من أجل البلاد، ولأهلها سعادة كبيرة، وبلادها عامرة بالخير، وذكروا له ما فعله السلطان الظاهر فى سائر غزواته والقلاع التى أخذها، وأنه ملكها لأكابر أمرائه ومماليكه، فأضمر السلطان فى نفسه أن يركب إلى سيس بنفسه ويملكها، ثم طلب الوزير وأمره أن يكتب بتجهيز الإقامات والعلوفات، وأن يكتب إلى سائر النواب من البلاد الشامية أن يتأهبوا ويجهزوا ما يحتاجون إليه من آلات الحصار وغيرها، وعرفهم أن قصده أخذ السيس.

ثم ركب بعزم قوى إلى أن وصل إلى دمشق، (١) فخرجت إليه سائر أهل دمشق، وفرحوا بحضوره، فما أقام فيه يومين حتى حضر مملوك نائب حلب وأخبر أن رسل صاحب سيس قد حضروا صحبة نائب تكفور وجماعة من أكابر الأرمن، وبعد يومين وصلوا إلى دمشق، وجلس السلطان فى الميدان وأحضرهم، فاندهش نائب تكفور ومن معه مما عاينوه من عظمة عسكر السلطان، وكان السلطان الأشرف يحب الزينة فى اللباس، فلما دخلوا قبلوا الأرض بين يديه وأخرجوا كتاب تكفور، فقرئ على السلطان، وفيه تضرع كثير، وإظهار ذله، وأنه بلغه أن السلطان قصده من غير سبب، وأن ما نقل عنه غير صحيح، فإن ثبت عليه شئ من ذلك أو على أحد من بلاده كان عليه أضعاف ما ذكروا عنه من أخذ أموال التجار وغيرهم، وأن السلطان يرسل إليه من يثق به، فيحلفه أنه لا يدع فى بلاده أسيرا من المسلمين، وأنه يضاعف الحمل المقرر


(١) «دخل دمشق فى يوم الأحد تاسع جمادى الآخرة» - النجوم الزاهرة ج‍ ٨ ص ١٤، كنز الدرر ج‍ ٨ ص ٣٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>