وكان إلى جانب السلطان الأمير برغشه، فمد السلطان يده فأكل، وبرغشه يتحدث معه قليلا قليلا. فقال له يا خوند: أزل ما فى خاطرك فإنا نحن كلنا عبيدك. فقال يا برغشه: أنسى قول مهنى: ما سوّاها إلا خبيث بن خبيث.
فقال له يا خوند: صدقت، ولكن بقى له حق عليك حيث أجبت دعوته ونزلت أبياته وأكلت طعامه، فإن فعلت ما أضمرت فى نفسك لا يبقى بدوى يأمن إلى السلطان، فعند ذلك سكن ما فى نفس السلطان من الغيظ، وعلم أن الذى قاله برغشه صحيح.
ثم شرع يتحدث مع مهنى ويطيب خاطره إلى أن طاب خاطره، ثم ركب السلطان ومهنى صحبته إلى أن نزل على حماة وأكل ضيافة المظفر، ثم خلع على صاحب حماة ومهنى عند رحيله.
وبقى الأمر فى نفسه إلى أن اتفق خروجه من مصر، فوقفت له جماعة كبيرة من التجار وعرفوه أن عرب مهنى تعرضت لهم فى الطريق وأخذوا منهم شيئا كثيرا، وشكوا أمرهم إلى مهنى فقال لهم: ما هم عربى ولكن هؤلاء من بنى كلاب، فردهم السلطان إلى دمشق، وبقى فى نفسه إلى أن اتفق سفر السلطان بدخول البر، وأشار أن يكون العسكر والأمراء على حمص حين عودته، فراح السلطان إلى أن توصل إلى مكان منزل مهنى، وكان فى ذلك اليوم حر شديد، ومهنى جالس فى بيته، وقد رفع أطراف البيت، وزوجته إلى جانبه، فنظر فإذا بجماعة على بعد راكبين الهجن، فصاح لحاجبه وقال: رأيت جماعة قاصدين فلاقهم وأنزلهم فى بيت الضيافة إلى أن يسكن الحر، فرجع الرجل وقد عاينهم وهم سبع نفر وهم قاصدون البيت، فالرجل يومئ بكمه إليهم أن يرجعوا