فيها بين الحشكنابك جملا مصنوعا من شمع وعليه قتب وخرج محمل، فعلم أنه أشار برحيله. فطلب إخوته وعرفهم الأمر، واتفق رأيهم على الرحيل.
وهم فى ذلك، فإذا صاحب حماة قد تقدّم ليلاقى السلطان، فركب إليه هو وإخوته وعرفوه بأمورهم، واستشاروه فيما يفعل، فقال صاحب حماة: يا أمير إن سمعت منى فانظر فى نفسك، فأىّ شئ قويت نفسك عليه فافعل واتكل على الله فقال: والله قويت نفسى على لقياه، وإن كان قدّر على أمر صبرت له، ثم قال له صاحب حماة: إن كان لا بد من الملاقاة فاملأ عينه بالضيافة والتقدمة وفارقه على ذلك.
ثم ركب هو وأخواه فضل ومحمد وتلقوا السلطان، وترجلوا عن بعد، وقبلوا الأرض، وكان فى نفس السلطان أن مهنى ما يقابله، فأقبل السلطان عليهم وسألوه فى العزيمة، فأجاب السلطان إلى سؤالهم، وقصده القبض عليهم، وعند وصوله أبياتهم قد وجد طعامهم قد جهز، وكان قد احتفل له فى ذلك اليوم احتفالا عظيما، فذبح فى ذلك اليوم ثمانمائة رأس غنم، [٦١] وثلاثين إكديشا، وخمسين فصيلا، وأحضر مائتى منسف حلوى، وعشرة أحواض سكر، وسويق، وأحضر التين والزيت والفستق أكواما مكومة، فشرعت الأمراء فى الأكل، والسلطان ينظر إلى مهنى وإخوته ويرى القبض عليهم، فتنظر مهنى إليه وعرف ما عنده من ذلك، فتقدم وباس الأرض، وقال يا خوند نحن اليوم من جملة رعيتك وقد شرفتنا وقبلت عزيمتنا، ونريد منك أن تتم خيرك وتأكل من طعامنا، فإن كان فى نفس السلطان شئ يفعله فها نحن بين يديه.