تمشى فى خدمته وتحمل مداسه، فخرج بيدرا من عنده، وهو أعمى من الغيظ والحنق، فوصل إلى دار النيابة ولم يجلس للحكم، واختل بنفسه وبكى بكاء كثيرا، فبلغ الوزير ذلك ففرح وانبسط، ولم يدر ما يكون عقيب ذلك.
وأنشد صاحب التاريخ لنفسه:
كلمة قلتها فقالت مهلا … عن قريب تريك قولا وفعلا
سترى حمرة نار نارا … كأن إشعالها سنانا ونصلا
فسمعت الأمراء بذلك، فأتوه سرا وصبّروه وهوّنوه عليه، وقالوا له: إن أستاذك حادّ الخلق، فاصبر على ذلك، فكلهم تألموا له بسبب ذلك، ثم أجمعوا كلهم على الكلام مع السلطان، ولما دخلوا عليه أخذ السلطان يذكر لهم حديث القاضى، فقال له أمير سلاح، والبيسرى: يا خوند الله الله حاشى فى القاضى هذه الأمور، فصار السلطان يحاجج الأمراء، فقال له أمير سلاح: يا خوند نحن ما نريد أن يكون فى ذمة السلطان من ذلك شئ، فتجتمع مع نائب السلطان وسائر القضاة، وتعمل عقد مجلس لهذا الرجل وتسمع صحته، فإن ثبت عليه شئ مما ذكروه عرفنا مولانا السلطان فيرى بما فيه مقتضى الشرع ويبرأ ذمته من جهته، فأجابهم السلطان على ذلك ونهضوا كلهم واجتمعوا فى موضع، وأحضروا القاضى وشهود المحضر، وكان منهم نجم الدين بن عطايا، وابن السبتى، والتكرورى الإمام، وكان هؤلاء من شهود القلعة، وأقاموا شخصا يدعى عليه بذلك، فنهض القاضى تقى الدين وقال: