للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بسم الله الرحمن الرحيم؛ قال الله تعالى: {(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ)} (١) - الآية. ثم قال: يا أمراء الإسلام يا مجاهدين فى سبيل الله أنا فلان بن فلان بن فلان، وذكر سائر أجداده إلى أن قال ما فى نسبى بطرس ولا جرجس ولا مجوسى ولا نصرانى، وإذا قالوا إنى أشرب الخمر ربما يكون فيه لذة على زعم من يستعمله، أو أنى ألوط ربما يكون من عليه شهوة النفس، ولكن النصرانية وشدّ الزنار من أين وإلى أين وما فيه من اللذة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم، وتمثل:

جلوا صارما وتلوا باطلا … وقالوا: صدقنا، فقلنا: نعم

[٦٩] ثم بكى، فانهملت عيناه بالدموع، فما قام أمير منهم إلا وهو يمسح عينيه من البكاء، ويقول: والله يحق على من يشهد على مثل هذا بالنصرانية أن يضرب عنقه، فانقضى المجلس على ذلك، وكان مجلسا عظيما، وقصدت العوام أن يرجموا الشهود، فمنعتهم الحجّاب، ثم دخل الأمراء إلى السلطان، فرأى فى وجوهم أثر البكاء والحزن وقد تنكرت، وصار الأمير بدر الدين يتحدث معه ودموعه تجرى، وقال يا خوند: إش يقال فى بلاد الأعداء إذا سمعوا أن الشهود شهدوا أن قاضيهم الذى هو قاضى القضاة نصرانى، وشرع البيسرى وبكتمر السلحدار وغيرهما من أكابر الأمراء فتحدثوا مع السلطان، فقال السلطان: أما فى ذمتى ذنب، ورسم بالإفراج عنه، وأن لا يعارضه أحد، فخرج الأمير سيف الدين بكتمر السلحدار بنفسه ومشى مع القاضى إلى باب القلعة.

وقال صاحب التاريخ: كنت فى ذلك اليوم مع والدى أشاهد ما وقع، ولم أر مثل ذلك اليوم من اجتماع الناس حتى لا يمكن أن يرى أحد القاضى بينهم.


(١) الآية ٦ من سورة الحجرات رقم ٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>