للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأصبح الأمير بيدرا يدخل إليه، فطلبه وطيب خاطره وخلع عليه وقال:

لأجلك أطلقت القاضى وما سمعت فيه قول أحد، فقبل الأرض ودعى للسلطان، وفى قلبه من تلك الكلمة أمور.

قال صاحب التاريخ: أخبرنى الشيخ زين الدين ابن الكنانى الشافعى فى سنة أربع وسبعمائة، وقد أجريت عنده ما جرى على القاضى تقى الدين. فقال:

أصيب بدعوة دعيت عليه، وهو أن القاضى تقى الدين كانت له وظائف شتى.

من جملتها نظر الخانقاة الصلاحية، وكان شيخها فى ذلك الوقت الشيخ شمس الدين الأيكى (١)، وكان القاضى يحضر الوظيفة، واتفق فى بعض الأيام بحث بينهما فى نظم الشيخ شرف الدين بن الفارض (٢)، وكان قد بلغ القاضى عن الشيخ أنه يعتقد الحلول، فقال له: بلغنى أنك رجل حلولى على مذهب ابن الفارض، وأنك كل وقت تنشد قصيدته التى فيها ذكر الحلول، وهذا مذهب نحس، فصعب على الشيخ كلامه، وأخذ يجاوب القاضى بالفظاظة فقال له القاضى: الآن ظهر صدق ما قيل فيك، وسفه عليه، وقام من غيظه عليه، فضربه بيده فأخرق عمامته فى حلقه، فنظر إليه الشيخ، وأجرى دمعه، وقال: نكلت بى، نكل الله بك، فأجيبت دعوته، وجرى عليه ما جرى، ولما أفرج الله عنه جاء إلى الشيخ واستغفر الله تعالى، وأشار الشيخ إلى خادم من خدام أم الملك السعيد، وكان حسن الصوت، فقام وأنشد قصيدة ابن الفارض إلى أن أتى إلى قوله:

وبى من أتم الرؤيتين إشارة … تنزه عن رؤيا الحلول عقيدتى


(١) هو محمد بن أبى بكر بن محمد الفارسى الأيكى الشافعى، شمس الدين أبو المعالى، المتوفى سنة ٦٩٦ هـ‍/ ١٢٩٦ م - انظر ما يلى فى وفيات ٦٩٦ هـ‍.
(٢) هو عمر بن على بن مرشد الحموى الأصل، المصرى المولد، والمتوفى سنة ٦٣٢ هـ‍/ ١٢٤٥ م - وفيات الأعيان ج‍ ٣ ص ١٢٦ رقم ٤٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>