للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا المقول الأمير علم الدين أبو خرص، مملوك الملك المظفر صاحب حماة، وقد سأله الأمير لاجين - وهو نائب الشام بحضور الملك الكامل (١) - عن أمر بيدرا وكتبغا، فذكر مثل الدوادارى فصدقه على قوله.

قال الراوى: وسمعت ذلك من شرف الدين بن الملك المغيث بن الملك الكامل.

وكان بيدرا تقلبت به الأحوال إلى أن صار نائب السلطان الأشرف، وكانت له حرمة كبيرة، ودولة وافرة، وكان مأمون الغائلة، سهل العريكة، حصل للجند فى أيامه خير كثير، ونفقات كثيرة، وأنعم عليهم بإقطاعات وإنعام مع بشاشة وجه، وكان مبدعا فى محاسنه، لطيفا ظريفا، حسن الأخلاق، عذب المنطق، متحليا بصفة الآداب، مشغوفا بالطرب، وجد له فى الحوطة على موجوده ستون جارية، ما فيهن واحدة إلا وقد أتقنت صنعة الطرب من أنواع الملاهى، وكان يخلوبهنّ فى الليل، وكان له نديم أعمى لا يكاد يفارقه، وكان له تولع عظيم بالأطعمة الحسنة والمشارب الطيبة.

قال الراوى: ولم يسمع لنائب قبله ولا بعده، له حوائج خاناه وشراب خاناه مثله، ولقد حكى لى شاهد ديوانه: أن السلطان لما سافر إلى فتح قلعة الروم اختار أن يطعم الأمراء حلاوة سكب، وذلك فى الرمل فى الطريق، وتولى عمل ذلك حسام الدين الاستاذدار، واحتاجوا فى ذلك إلى فستق، فقال:

أبصروا فى حوائج خاناه نائب السلطان، فإنها لا تخلو منه، فأرسلوا وسألوا


(١) لعله الملك الكامل ناصر الدين محمد بن الملك السعيد بن الصالح عماد الدين اسماعيل بن العادل أبى بكر بن أيوب، من أولاد الملوك الأيوبيين، والذى أنعم عليه السلطان كتبغا بامرة طبلخاناة بدمشق عندما كان حسام الدين لاجين نائبا بالشام - السلوك ج‍ ١ ص ٨١٨ - ٨١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>