للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونظرت الناس إلى تلك الشمائل الحسنة، والوجوه الجميلة، ويد كل واحد على صدره تشجب دما، وتباكت الناس، وانفجعت القلوب، وكان يوما عظيما.

واتفق فى يوم دخولهم المدينة سألت زوجة الأمير نغيه بعض خدامها أن تقف فى مكان تنظر منه إلى زوجها قبل الموت، فطلع بها على بيت فى الشرابشيين فحين وقع نظرها على زوجها مسمرا أرمت نفسها من باب الطاق لتقع عليه، فلطف الله بعثرتها أن وقعت على سقف الدكاكين، وتباكت الخلائق لأجلها، وتألموا كثيرا، وحملوها إلى منزلها (١).

وبلغ خبرها إلى الأمير بدر الدين أمير سلاح، فتوجع لها، وركب إلى القلعة، واجتمع بكتبغا النائب والأمراء وشفع فى نزولهم من الجمال ويموتون فى بيوتهم، فقبلوا سؤاله، ورسموا للوالى (٢) بتنزيلهم وتسليمهم لأهلهم، وكان ذلك وقت الظهر، فحمل كل منهم إلى أهله، وما لحقوا أن يقعدوا ساعة حتى بلغ المماليك الأشرفية أمرهم، فاجتمعوا عند الشجاعى فى محفل كبير، وقالوا:

متى ما لم يعد هؤلاء إلى التسمير مثل ما كانوا ما نسكت، وقصدوا إقامة الفتنة، ورأى كتبغا هذه الحالة فبرّأ نفسه، فقال: دونكم وإياهم، فأنا ما أدخل بينهم فعند ذلك ركبوا ونزلوا، فأخذوا كل واحد من منزله، وأعادوهم إلى الأخشاب والتسمير، وشقوا بهم المدينة.

فكانت تلك الإعادة أمرّ عليهم وأصعب مما وجدوه فى أول الشدة، وبقيت معهم طائفة من الأشرفية إلى أن وصلوا بهم [٨٩] إلى ظاهر القاهرة وإلى


(١) ذكر المقريزى رواية مشابهة - لكنها بالنسبة لزوجة علاء الدين ألطنبغا - انظر السلوك ج‍ ١ ص ٧٩٦.
(٢) «الولى» فى الأصل، والتصحيح يتفق والسياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>