مسمرا مشهورا، فعند ذلك ثارت المماليك الأشرفية واجتمعوا بالشجاعى، وبكوا بين يديه، وقالوا: نحن نموت كلنا وإلا مكنونا [٨٨] من قاتل أستاذنا، وكانوا قد قبضوا على جماعة من الخاصكية الذين اتفقوا مع بيدرا ورسموا بحبسهم، وكانوا أخروا أمرهم إلى أن يتفقوا على أمر يفعل فيهم.
فنهض الشجاعى ومعه جماعة من المماليك الأشرفية، فدخلوا على كتبغا لينظر فى أمر هؤلاء، فرأوه جالسا فى الشباك والأمراء حوله، فقاموا له وشرعوا فى الحديث؛ وهم فى ذلك فإذا بالأميرين بهادر رأس نوبة والأمير جمال الدين أقوش الموصلى الحاجب قد حضرا، وكانا من جملد الأمراء المتفقين مع بيدرا، فحين وقع نظر المماليك الأشرفية عليهما سلّوا سيوفهم وضربوا رقبة الإثنين فى أسرع من لمح البصر، ولما رأى كتبغا والأمراء ذلك خشوا من الفتنة، واتفقوا على قتل الأمراء الذين فى السجن وإشهارهم إطفاء لنيران الفتنة.
فطلبوا متولى القاهرة فأحضرهم من السجن، ونزل الشجاعى والمماليك الأشرفية صحبته إلى باب السلسلة، وأوقفوهم عند باب السلسلة، وأحضروا قرمة وساطورا، وجعل الوالى يحضر أميرا بعد أمير ويقطع يده على القرمة بضربة واحدة يفصلها من المعصم، فلما فرغوا من ذلك أركبوهم على الجمال وسمروهم تسمير الهلاك، وعلقوا يد كل واحد فى عنقه.
وركب فى ذلك اليوم كتبغا والأمراء إلى جانبه يشاهدون هؤلاء، وهم على هذه الحالة مسّمرون، وعليهم أقبيتهم الأطلس وكلوتاتهم الزركش وأخفافهم البرغالى وشقوا بهم فى وسط الموكب، وصاروا طالعين بهم وراجعين والمشاعلية تنادى عليهم: هذا جزاء من يخون أستاذه ويتجاسر على قتل الملوك وأقل جزائه، ورسموا أن يطاف بهم مصر والقاهرة.