وفى نزهة الناظر: وكان هذان الأميران متفقين مع بيدرا على قتل الأشرف، ولما رأيا جيشا عظيما وراء بيدرا طلبا طريق النجاة، فسبق كل واحد منهما إلى الساحل فى آخر الليل، فوجدا جميع المراكب والمعادى فى ساحل مصر، فأرسلا وكبدار لاجين إلى مصر، فخلع ثيابه وسابح البحر إلى جانب مصر، وجاء إلى بعض المعادى، واجتمع بصاحب المعدية فوعده بألف دينار، فخاطر صاحب المعدية بنفسه، وعدّى بهما إلى بر مصر. وكان معهما بعض الفضة فأعطياه إياها، وأودعا عنده كلوتاة زركش وحياصة ذهب - وقالا له: خلّ هذه عندك رهنا إلى أن يحضر إليك هذا الغلام بالذهب فيأخذها.
ولما استقرا فى بر مصر تفرقا وأخذ كل منهما فى جهة.
وكان مع لاجين مملوك يسمى بهادر، ومع قراسنقر مملوك يسمى صمغار - وهو الحاكى لهذا التاريخ.
ولما تفرقا دخل قراسنقر المدينة، وراح لاجين إلى جامع ابن طولون، فاختفى فى بعض زواياه الخراب، وأقام يتنقل من مكان إلى مكان فى الجامع، وقد نذر فى ذلك الوقت على نفسه إن ستره الله تعالى، وسلمت نفسه عمّر الجامع وجدّده، ورتب له أوقافا تقوم بوظائفه. ثم خرج منه إلى القرافة الكبيرة، وكان يأوى فى بعض الترب المهجورة ويبيت فيها، ثم أتى إلى زاوية ابن عبود واختفى فيها.
وأما قراسنقر فإنه لما فارق لاجين دخل المدينة، فكان ينتقل من بيت إلى بيت إلى أن سكنت الفتنة.