للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلم كل منهما موضع صاحبه، فتراسلا على الاجتماع، وحمل لاجين فى داخل صندوق على رأس حمال إلى حارة بهاء الدين، واجتمع هو وقراسنقر، واتفق رأيهما أن يبعثا مالا لبتخاص والأزرق مملوكى كتبغا ليتوسطا عند أستاذهما فى أمرهما، ويصلحا مضيهما.

وكان كتبغا يعز لاجين وقراسنقر، ولم يمعن فى طلبهما، وكلما كان الشجاعى يتحدث فى أمرهما كان كتبغا يسكته، فلما عرف المملوكين أمرهما لكتبغا، قال لهما: قولا لهما فليصبرا، ولا يكون إلا خيرا، فبقيا على هذه الكلمة إلى شهر رمضان، وفى العشر الأخير منه أرسل كتبغا يعرفهما بأن يدخلا على الأمير بدر الدين أمير سلاح [٩٤] فدخلا عليه بليل، وبكيا بين يديه، وسألاه أن يشفع عند السلطان فى أمرهما، وأنهما ما لهما يد فى جميع الذى وقع لأنه من رأى بيدرا، فلما سمع أمير سلاح حديثهما، وعدهما بخير. ثم إنه لما طلع إلى القلعة اجتمع كتبغا والبيسرى وبكتمر السلحدار وحسام الدين الأستاذدار وتحدثوا فى أمرهما، وطلبوا أمير سلاح، وسألوه أن يوافقهم على ذلك.

فدخلوا على السلطان، وتقدم كتبغا وعرف السلطان أن الأمراء يشفعون فى الأميرين لاجين وسنقر، وأنهما من أكابر مماليك الملك الشهيد والد مولانا السلطان، أحدهما كان نائب الشام، والآخر كان نائب حلب، وأخذ أمير سلاح يعظم أمرهما، فقال السلطان: يا أمير هؤلاء هم الذين قتلوا أخى، فقال كتبغا: يا خوند، كذب أعداؤهما عليهما، والذى تحققنا منه يبرئهم، وأشهد لهم (١)، وفى بقاء هذين الأميرين نفع عظيم للمسلمين فلهما اسم كبير فى بلاد العدو، ونهض الأمراء فنهضوا كلهم، وقبلوا الأرض بين يديه، فأجابهم.


(١) هكذا بالأصل، بصيغة الجمع.

<<  <  ج: ص:  >  >>