للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يلتفت منهم أحد، وتفرقوا فى سائر الطرقات فرقة فرقة، فمنهم من طلب نحو بركة الحبش، ومنهم من طلب الترب، ومنهم من طلب نحو باب النصر والحسينية، ومنهم من طلب نحو الصليبة وجامع [ابن (١)] طولون وغيرها، وراحت الأمراء والأجناد خلفهم، ثم عادت الأمراء وطلعوا القلعة، وجلس الأمير سلاح والبيسرى وأكابر الأمراء مع كتبغا، وكتبغا من حنقه وغيظه لا يدرى ما يقول.

ووقع الصوت فى القلعة من الحرافيش، فحضروا ومعهم مملوكان أو ثلاثة وقد عروهم وأتوا بهم إلى الشباك، ومماليك كتبغا ملبسون واقفون، وما يقع نظر واحد منهم على مملوك يحضره الجند أو العوام إلا وقد هبروه بالسيوف قطعا قطعا ومنهم من بيده دبوس يضرب الرجل منهم على رأسه فيقع ميتا لوقته.

فلما رأى الأمراء ذلك أنكروه، وصاح أمير سلاح والبيسرى وطرطش على مماليك كتبغا صياحا منكرا، وقالوا لكتبغا: ما هذا العمل؟ أنت تعمل هذا ونحن قعود، فرأى كتبغا منهم الحنق، فقال يا أمراء: أنا أى شى عملت حتى يفعلوا فى حقى هذا الفعال. فقال له طرطش: يا أمير إن السلطان الملك المنصور اشتراك واشتراهم لينفعوا الإسلام والمسلمين، وتردوا العدو، وتجاهدوا فى سبيل الله، وتذبوا عن المسلمين، وأنت ما تفكر إلا فى مصلحة نفسك، فإذا حضر عدوّ من أعداء المسلمين أنت تلقاهم وحدك.

فلما رأى كتبغا قيام الأمراء عليه منع مماليكه، واتفق الحال على أن هؤلاء يحبسون، ويؤدبون بالقيد والحبس، ويفرقون فى الحبوس، فبقوا (٢) نحو خمسة أيام


(١) [] إضافة يقتضيها السياق.
(٢) «فبقبوا» فى الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>