للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما القاهرة ومصر فإنه كان يموت فيهما كل يوم ألوف، ويبقى الميت مطروحا فى الأزقة والشوارع ملقى على الممرات والقوارع اليوم واليومين لا يوجد من يدفنه، لاشتغال الأحياء بأمواتهم، والسقماء بأمراضهم، هذا وأكثر من يموت يلقون فى حفائر الكيمان بغير غسل ولا أكفان، فتأكلهم الكلاب، ثم أكل الناس الكلاب، ففنيت، وفنى أكثر الدواب، ورسم السلطان بتوزيع الصعاليك والفقراء على الجند والأمراء، فوزعوا بالقاهرة ومصر ليقوموا بهم من أموالهم.

هذا كله ذكره بيبرس فى تاريخه فقال: «وكنت إذا ذاك فى الإسكندرية.

والصعاليك (١)» الذين فيها والواردين إليها وزعوا على الأملياء، والفقراء على الأغنياء، وكنت متوليا أمر توزيعهم على التجار وأرباب المعايش والأيسار، ووظفت على نفسى منهم جماعة، وأجريت عليهم جاريا قام بأودهم إلى أن انقضت المجاعة، وتواصلت الغلال إلى الإسكندرية وتواترت من جزيرة صقلية والقسطنطينية وبلد الفرنجية، حتى أن الواصل إليها شف على ثلاثمائة ألف أردب قمحا، فتماسك أهل الثغر، ووجدوا رفقا بهذا الأمر، وانتهى سعر القمح إلى ثلاثمائة وعشرين درهما ورقا الأردب (٢).

وقال ابن كثير فى تاريخه: مات فى ذى الحجة بديار مصر نحو من عشرين ألفا (٣).


(١) «أما ثغر الإسكندرية فإن الصعاليك» - فى زبدة الفكرة.
(٢) زبدة الفكرة (مخطوط) ج ٩ ورقة ١٨٨ ب، ١٨٩ أ.
(٣) البداية والنهاية ج‍ ١٣ ص ٣٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>