فأول ما ركب نائب السلطان والحاج بهادر الحاجب ونشر كل منهما سنجقه، وكان بقى العلامة بينهم، فعند ذلك ركب الأمير قفجاق وقراسنقر وبيسرى وسائر الأمراء، وأول ما اصطلى بنار الحرب الأمير حسام الدين لاجين نائب السلطنة، ولم يكن له همة غير مخيم الأمير بدر الدين بكتوت الأزرق - لما كان يعلم من قوته وشدته - وكان مشهورا بالفروسية فخشى عاقبة أمره فجعله قصده، ثم لما ساق إلى خيمته سمع الأزرق وقوع الصوت وهيجان الخيل، فنهض عند ذلك من خيمته ينظر ما ذاك، فرأى موكب لاجين قد أقبلت، ورأى الخيل قد أدركته، وأنه ليس له مهلة أن يعتد وما قدر إلا على فرسه، فركب وأخذ شطفته التى يعتادها، [١٢٢] فأدركته الخيل، وبقى لا يدرى يقصد من، واحتاطوا به، وضربه مملوك يسمى طيبرس ويلقب بوجه الحسب، وكان من جلة المماليك السلطانية الذين فرقهم كتبغا على الأمراء، وكان المذكور وقع للأمير حسام الدين لاجين، ولما ضربه بالسيف حل عاتقه فوقع على الأرض قتيلا وكانت خيمته مجاورة لخيمة بتخاص، فلما رأى الغلبة فى مخيم الأزرق أراد أن يركب فلم يمهلوه فقتل على باب مخيمه.
وأما السلطان فإنه قد كان تخلف وجلس مع بعض خاصكيته، فسمع الطبلخاناة والغلبة أمر من يكشف الخبر، فرجع وقد اختبل مما رآه، فنهض السلطان بنفسه فنظر، وإذا الخيل قد أقبلت، وسناجق الأمراء قد نشرت، وكان عنده بعض الخبر من ذلك فإن الأمير بدر الدين أمير شكار كان ممن أنشأه السلطان وكبره فى دولته وقربه حتى صار أمير شكاره وصاحب مشورته، وكان من مماليك الخزندار نائب الدولة الظاهرية، وكان صاحب معرفة وتدبير، وكان قد تنسم بعض الخبر عند خروجه من دمشق، وعرف السلطان بذلك وحذره، فلم يعبأ به السلطان، ولم يعتقد صحة ذلك، فلما رأى ما رأى تحقق