للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفى نزهة الناظر: ولما مات ابن بنت الأعز اتفقت الأمراء والأكابر على تولية الشيخ تقى الدين بن دقيق العيد، وعرفوا السلطان دينه وعلمه، وأنه قد عرض عليه القضاء قبل ذلك مرارا فلم يقبل، فنزلت إليه الأمراء وسألوه فأجاب إليهم، وهو أول من لبس الصوف من القضاة فى السلطنة.

قال المؤرخ: وبلغنى من شيخ الحديث فتح الدين بن سيد الناس أن ولد الشيخ قال للشيخ: يا سيدى كيف قبلت الولاية فى هذا الوقت وقد كنت تأبى عنها؟ فقال له يا ولدى: وجب ذلك على من وجوه. أحدها:

أنه ليس لى شئ يكفينى للعيال، والثانى: عندى كتب العلم فأحتاج أن أبيع الكتاب الذى يساوى مائة بخمسين درهما. والثالث: لم يبق لتولية القضاء من هو أحق منى بالولاية، فتعين على.

ولما ولى كتب بخطه لسائر نوابه وهو يحذرهم وينذرهم ويخوفهم من الله، ونسخة الكتاب:

بسم الله الرحمن الرحيم «الفقير إلى الله محمد بن على (١)» {(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ} - إلى - {ما ٢ يُؤْمَرُونَ)} {(يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ)} (٣)، ويمهل حتى يلتبس الإمهال بالاهمال على المغرور، وتحذره صفقة من باع الآخرة بالدنيا، فما أحد سواه مغبون، ولا سيما القضاة الذين تحملوا أعباء الأمانة على كواهل


(١) «الفقير إلى الله محمد بن على».
هذه هى علامة القاضى، وهى صيغة يختارها القاضى تعبر عنه وتغنى عن التوقيع - انظر صبح الأعشى ج‍ ١٤ ص ٣٤٢ - ٣٤٩، فهرست وثائق القاهرة: ص ٣٤٧ هامش (٤).
(٢) (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النّاسُ وَالْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) - الآية ٦ من سورة التحريم رقم ٦٦.
(٣) الآية رقم ١٩ من سورة غافر رقم ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>