جلال الدين بالقضاة فى الشام، ودرس بمدرستى أبيه الخاتونية والمقدمية، وترك مدرستيه القصاعية والشبلية.
وفيها: اتفق للشيخ تقى الدين قاضى القضاة مع منكوتمر نائب السلطان كلام أوجب أنه عزل نفسه من القضاء، والسبب لذلك أن تاجرا توفى وادعى رجل أنه أخوه، فأرسل منكوتمر إليه وعرفه أن المتوفى أخو هذا الرجل، ولم يخلف غيره، ولا [١٤٩] وارث غيره، ولم يسمع منه الشيخ تقى الدين، فغضب بسبب ذلك منكوتمر، فدخل بينهما الأمير سيف الدين كرت الحاجب فقال لمنكوتمر:
إن هذا الرجل كبير القدر ورجل صالح ولا ينبغى أن نسمع عن مولانا نائب السلطان إلا خيرا وأنا أذهب إليه ونرجو من الله أن ينقضى الشغل، فذهب إليه وهو جالس فى محكمته وسلم عليه ووقف، فنظر إليه الشيخ وردّ سلامه، وقام له نصف القيام، وأشار إليه بالجلوس فجلس، ثم قال: يا سيدى ولدك يسلم عليك ويقبل يدك فقال: وأىّ الأولاد!! فقال: الأمير سيف الدين منكوتمر، فشرع الشيخ يقول: منكوتمر، منكوتمر، ويكررها، ثم قال: ما مقصوده؟ فعرّفه القضية مع تلطف وترقق. فقال فى جوابه: إش يبنى على شهادته لهذا الرجل. فقال له: يا سيدّى ما هو عندكم عدل. فقال: سبحان الله، وتمثل بقول الشاعر:
يقولون هذا عندنا غير جائز … ومن أنتم حتى يكون لكم عند
وشرع يكررها ثلاث مرات، وفى الآخر قال: والله متى ما لم تقم عندى بينة شرعية ما حكمت بشئ، قم بسم الله، فنهض الحاجب من عنده وخرج.