للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال صاحب النزهة: وكنت أنا ووالدى مع الحاجب المذكور فى ذلك الوقت. فقال لوالدى وهو خارج من عند القاضى: والله هذا هو الإسلام، ولما اجتمع بمنكوتمر تلطف معه وقال له: هذا الشغل ما ينقضى إلا إذا طلع القاضى إلى دار العدل واجتمع به مولانا النائب، فلعله إذا رأى الأمير يستحى منه، فسكن من غيظه بعض شئ.

فلما كان يوم دار العدل واتفق خروجه من عند السلطان والنائب جالس فى الشباك، فخرجت إليه الحجاب واحدا بعد واحد يقولون له: الأمير يختار أن يجتمع بخدمتكم، وهو لا يلتفت ولا يجاوب أحدا منهم إلى أن ألحوا عليه، فالتفت إلى القضاة الذين معه وقال للحجاب: قولوا له: يولى من يختار، فرجعوا إلى الباب وعرفوه بما وقع فسكت، فلما نزل القاضى إلى المدينة أغلق بابه وأرسل النقباء إلى جميع النواب وأصحاب العقود أن أحدا منهم لا يحكم ولا يعقد عقد إلى أن يتولى قاض.

ثم فى اليوم الثانى بلغ السلطان ما وقع من هذا، فطلب منكوتمر وصاح عليه وسبه وقال له: قد حكمتك فى الجيش تتحدث فيهم، ما يكفيك حتى تدخل فى أمر القضاة وتتحرش مع مثل هذا الرجل، ثم أرسل من وقته إلى القاضى يعتذر من ذلك الأمر وسأله الحضور إليه، فأبى القاضى وقال للقاصد: سلم على السلطان وقل له: إن القضاة كثيرون وقد جعل لى عذر فى هذا الوقت يمنعنى من الطلوع إليه، فلما عرفوا السلطان بذلك طلب الشيخ نجم الدين بن عبود (١)


(١) «الشيخ نجم الدين حسين بن محمد بن عبود» - السلوك ج‍ ١ ص ٨٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>