للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعرفوه بذلك، وذكر حمدان فى كتابة توقف الطباخى عن مسك الأمراء، فحصل من ذلك لمنكوتمر حنق وغيظ على نائب حلب، وقال للسلطان: ينبغى مسك الطباخى وتولية أيدغدى شقير عوضه فى النيابة، فقال السلطان: هذا الوقت لا يقتضى تحريك الطباخى، فكتبوا له بالشكر والثناء، وأمروه أن يتحيل على مسكهم بكل وجه، وأرسلوا تقليد الأمير سيف الدين بكتمر السلحدار بنيابة طرابلس، فإذا حضر ولبس تشريفة يمسك، ثم يمسك الأمراء المذكورون بعده، ثم إن بكتمر تجهز إلى الخروج والتوجه إلى الديار المصرية، فخرج وسار إلى أن قرب من بلبيس، فلما وقعت بطاقته طلب منكوتمر حسام الدين الاستاذدار فقال له: يمسك بكتمر قبل دخوله إلى السلطان، فقال: ما هو مصلحة فى هذا الوقت، والمصلحة تأخيره إلى أن يرد الجواب من نائب حلب بمن مسك من الأمراء.

وقال صاحب النزهة: وكان سبب سلامته ما حكاه لى بعض مماليكه الذين حضروا معه، فقال: حين طلب أستاذى إلى مصر تحقق أنه إذا وصل [١٥٣] إلى مصر ما يخلى سبيله، فأوصى على صغيرات، ووقف، وتصدق، وأخذ معه ألف دينار برسم الصدقة، وصار يتصدق بها طول الطريق، ولما وصل إلى بلبيس فى آخر الليل أراد أن ينام ويستريح ساعة، فلم يأخذه النوم لكثرة فكره وقلقه، ثم قام توضأ وصلى ركعتين، وسأل الله أن ينجيه من شر من يخافه، وتضرع إلى الله كثيرا، ثم سمع المؤذن يسبح، ويقول فى ابتداء كلامه: {(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، إِنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً)} (١)، الآية،


(١) الآية ١ من سورة الفتح رقم ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>