فقام وتمرغ على الأرض، وسأل الله تعالى، وقال للعامل معه: والله لم يطب خاطرى إلا عند ذلك، لأنه تفاءل باستفتاح ذلك المؤذن، وأوضح ذلك بأن النبى صلى الله عليه وسلم كان يحب الفأل ويكره الطيرة، وأفضل ما يكون التفاؤل من كلام الله عز وجل، ثم ركب وهو منشرح الصدر، إلى أن دخل عند السلطان، فأقبل عليه السلطان إقبالا حسنا، وأجلسه، وشرع يسأله عن أحوال العسكر، وعن الأمراء، وعن القلاع التى فتحت، وهو يخبره بالتفصيل، والسلطان ينشرح لحديثه، وآخر كلامه أن قال له: يا أمير ما طلبتك إلا لتخبرنى بما وقع بين أمير سلاح وبين الدوادارى، وما السبب فى ذلك. فقال: والله يا خوند ما وقع بينهما شئ يوجب الخلف، وإنما أراد الأمير علم الدين الدوادارى التقدم على العسكر، فكره أمير سلاح ذلك منه لكونه أتابك العساكر مدة عمره، ولما حضر مرسوم مولانا السلطان إمتثلوه، ومشى كل واحد فى مكانته.
ثم بعد ذلك خلع عليه السلطان، وأنعم عليه بألف دينار، وخرج من عنده.
وكان منكوتمر منتظرا لمسكه، فلما رآه وقد خرج وعليه الخلعة حصل عنده ضيق الصدر، وكان قد راود السلطان فى أمره مرارا عديدة إلى أن وافق على مسكه، ولكن الله تعالى أزال ذلك عن خاطره.
ثم إن منكوتمر لما دخل عند السلطان قال له: يا منكوتمر، والله ما زلت طالبا مسكه إلى أن دخل عندى، فزال ما فى خاطرى من ذلك، ولما رأيته استحييت منه، وذكرت له خدما كثيرة علىّ، فطيب خاطرك فهذا أمر لا يفوت.