أحد أن يتقدم إليه إلا بإذن منه لمن يختاره أو لمن له عليه إدلال مثل مملوكه الخاص أو غلامه، ويترجل سائر الأمراء، فإذا ركب ركبوا، وركب السلطان وأشار للأمراء أن يتموا لعبهم، وطلب المجبرين فعملوا فى يده ما هو الواجب.
وكانت العامة يحبونه لأنه كان يحبب نفسه إليهم، فلما رأوه وهو راكب تباشروا ودعوا له، وصاح بعض الحرافيش (١) وقال: سلامتك يا قضيب الذهب ما تستهل، أرنا يدك، وكان قد علقها بمنديل، فلما سمعه أخرج يده وأخد المقرعة وضرب بها على معرفة الفرس، فتصايحوا ودعوا له، ثم لما طلع طلب المجبرين فلما حلوا يده وجدوا الرباط قد تغير والعضو قد انزعج، فسألوه عن ذلك، فأخبرهم بما فعله عند صياح ذلك الحرفوش، فقالوا له: يا خوند كيف تخلّيه يفشو؟ قال: لا كان ينكسر خاطر الناس.
ثم إنه أقام مدة شهرين إلى أن ركب، فلما ركب زينت مصر والقاهرة، وكتب إلى البلاد الشامية بعافيته، وزينت سائر الأقاليم.
وأما ما أنفق يوم ركوبه إلى الميدان فكان شيئا غريبا، وكان يوما مشهودا، وكانت جميع دكاكين الصليبة إلى آخر الكبش مملوءة بالرجال والنساء، وكان الرجل منهم يجلس بنصف درهم، وأما البيوت فانها أكريت فى ذلك اليوم بأجرة سنة، ولما عاد وطلع القلعة خلع على سائر أرباب الوظائف وسائر الأمراء والمقدمين، وأمر بالصدقات على الفقراء والمشايخ، وأفرج عن المسجونين.