إلا مملوكه كوندك، ودولة الأشرف ما أحربها إلا بيدرا، ودولة الملك العادل ما خربت إلا بسبب مماليكه، ومملوكك منكوتمر شاب كبير النفس، حاد الخلق، لا يرجع لأحد، وربما يجرى بسببه فساد كثير، وما هذا بأمره، وإنما أمر السلطان، فسكت السلطان، ولم يجبه بشئ.
وبلغ ذلك منكوتمر فى وقته، فكتمه فى نفسه، وحط عليه مكائد السوء.
قال الراوى: وبلغنى أن بهاء الدين لما خرج من عند السلطان اجتمع بالأمير علم الدين الدوادارى، وأخبره بما جرى بينه وبين السلطان، فقال له علم الدين:
أخطأت يا قاضى فى هذا الرأى، وسكت عنه.
وبقى هذا الأمر إلى أن مسك قراسنقر النائب، وتولى منكوتمر النيابة، ودخلت عليه الناس تهنئة، وكان فيهم القاضى بهاء الدين فلما قبل يده وجلس، قال له: يا قاضى هذا كله ببركتك، وبركة وعظكم للسلطان، فأطرق رأسه إلى الأرض، وعلم أنه لا بد من شئ مترتب عليه من جهته مما لا طاقة له به. ثم شرع منكوتمر يعرف السلطان بما للقاضى بهاء الدين من السعادة والأموال والعقارات والبساتين بمصر والشام، فلم يزل يوحى إليه إلى أن اتفق معه على مسكه ومصادرته.
قال الراوى: وكان للقاضى من السعادة والعظمة والأحكام النافذة على جانب كبير، وكانت له مسقفة « … »(١) كبيرة اتخذها لنفسه، وله ميل إلى الشباب من أهل المحاسن، وكان له تعلق ببعض المماليك الخاصكية، وكان لذلك المملوك عادة، يأتى إليه فى بستان بالقرب من الميدان حين يخرج من الخدمة،