للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حاله معه إلى أنه صار إذا رسم مرسوما أو كتب لأحد توقيعا [١٦٤] وليس هو بإشارة منكوتمر يمزقه فى الملأ ويردّه ويمنع أستاذه منه ويصده، فاستثقل الناس وطاته، وكرهوا دولته، ورغبوا إلى الله فى زوالها وتغير أحوالها، ونسبوا الذنب فيما يبدو من منكوتمر إليه لكونه جمع أمره كله عليه، وأنشد لسان حالهم:

فإن لا تكن أنت المسئ بعينه … فإنك ندمان المسئ وصاحبه

وكان فى مماليك السلطان (١) شخص يسمى سيف الدين كرجى ممن أعان المنصور ووازره فى تلك الأمور، فقدّمه على المماليك السلطانية، فكان يتحدث فى أشغالهم، وينظر فى أحوالهم، ويدخل إلى السلطان متى أراد لا يحجبه عنه حاجب ولا رادّ، فغار منكوتمر من قربه وسعى فى بعده، فلما ورد البريد مخبرا بأمر القلاع التى فتحها العسكر ببلاد الأرمن حسن لأستاذه أن يرسله إليها ليقيم فيها، فوافقه على إرساله، واتصل ذلك بكرجى، فدخل إلى السلطان وتضرر من الرواح إلى الجهات المعينة، وسأل الاعفاء منها وتعيين غيره لها، فأجابه وأعفاه، فكمن فى نفسه من عداوته ما كمن.

واتفق بعد ذلك أن منكوتمر فاوض شخصا من الخاصكية نسيبا لطقجى، نسبه وأغلظ عليه، فتوجه ذلك إلى طقجى وشكى الحال إليه، وكان يسمى طغاى، فاجتمع هؤلاء وتشاكوا سوء سيرة منكوتمر وعمله على إبعاد الأمراء وإتلافهم، وقالوا: هذا متى طالت مدته قويت شوكته وعمل علينا واحدا بعد


(١) «المماليك السلطانية» فى زبدة الفكرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>