للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان كرجى فى ذلك الوقت غير حاضر، واتفق الحال أن يكون منكوتمر فى الحبس إلى حين حضور كرجى، ثم يسألونه فيه، وأرسلوه مع جماعة إلى الجب بالقلعة، وكان فى الجب جماعة من الأمراء منهم الأمير شمس الدين الأعسر، والأمير عز الدين الحموى نائب الشام، فلما نزل منكوتمر عندهم عرفوه، وقالوا:

كيف جئت عندنا؟ فقال لهم: إن السلطان غضب عليه لأمر بلغه عنه وحلف أنه لا بد من حبسه، فأمسكوا عنه، وقصد الأعسر أن يوقع به فى ذلك الوقت، فمنعه الحموى من ذلك، ورجوا أن أستاذه يرضى عليه ويكون هو الواسطة فى أفراجهم عن الحبس.

ولم يلبث فيه يسيرا إلا وقد أرخوا القفة التى كانوا قد نزلوه بها وصاحوا من رأس الجب على منكوتمر بالصعود، فقاموا إليه وأكرموه، وهم يظنون أن القول الذى ذكره لهم صحيح، فلما أخرجوه وجد كرجى واقفا ومعه جماعة من المماليك السلطانية، فلما وقع نظره عليه أخذ يسبه ويهينه، فلم يلتفت إليه منكوتمر؛ بل كلمه بعزة نفس لأنه تحقق أنه لا يبقى عليه، فضربه بدبوس حديد كان فى يده ورماه إلى الأرض، ثم ذبحه بيده على باب الجب، وتركه ومشى إلى الأمراء. (١)

وكانت الأمراء سألوا كرجى أن يبقى عليه قبل مجيئه إلى الجب. فقال لهم:

إن السلطان ما عمل معى سوءا، بل والله أحسن إلى غاية الإحسان فكبرنى وأنشأنى،


(١) «ثم إن كرجى أحرق باب منكوتمر، ودخل قبض عليه، وتوجه به الى الجب الذى كان بالقلعة، يسجن فيه الأمراء، وكان فى هذا الجب جماعة من الأمراء مسجونين، وكان منكوتمر سببا للقبض عليهم، فلما عاينوا منكوتمر قاموا اليه وقتلوه أشر قتلة» - فى بدائع الزهور ج‍ ١ ق ١ ص ٣٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>