للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودرّس السبط أيضا بالشبلية (١) التى بالجبل عند جسر كحيل، وفوض إليه البدرية (٢) التى قبالتها، فكانت سكنه، وبها توفى ليلة الثلاثاء الحادى والعشرين من ذى الحجة من هذه السنة، وحضر جنازته سلطان البلد الملك الناصر يوسف ابن العزيز فمن دونه.

وأثنى عليه أبو شامة فقال: كان فاضلا، عالما، ظريفا، منقطعا، منكرا على أرباب الدول ما هم عليه من المنكرات، وقد كان مقتصدا فى لباسه، مواظبا على المطالعة والاشتغال، والجمع والتصنيف، ربى فى طول زمانه فى حياة طيبة وجاه عريض عند الملوك والعوامّ نحو خمسين سنة، وقد كان مجلس وعظه مطربا، وصوته فيما يورده فيه حسنا (٣) طيبا.

وقد سئل يوم عاشوراء فى زمن الملك الناصر يوسف صاحب حلب أن يذكر للناس شيئا من مقتل الحسين رضى الله عنه، فصعد المنبر وجلس طويلا لا يتكلم، ثم وضع المنديل على وجهه وبكى، ثم أنشأ يقول وهو يبكى شديدا:

ويل لمن شفعاؤه خصماؤه … والصور فى نشر الخلائق ينفخ

لابدّ أن ترد القيامة فاطم … وقميصها بدم الحسين ملطخ


(١) المدرسة الشبلية البرانية بدمشق: بسفح جبل قاسيون بالقرب من جسر ثورى، أنشأها شبل الدولة كافور طواشى حسام الدين محمد بن لاجين ولد ست الشام، المتوفى سنة ٦٢٣ هـ‍/ ١٢٢٦ م - الدارس ج‍ ١ ص ٥٣٠ وما بعدها.
(٢) المدرسة البدرية بدمشق: قبالة المدرسة الشبلية التى بالجبل عند جسر كحيل على نهر ثورى على الطريق بين عين الكرش وحى الأكراد، أنشأها الأمير بدر الدين حسن بن الداية من أكابر أمراء نور الدين محمود، الدارس ج‍ ١ ص ٤٧٧ وما بعدها.
(٣) انظر الذيل على الروضتين ص ١٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>