فى مماليك قلاون مملوك اسمه لاجين وكان من أكابر مماليك قلاون، فلما اشترى لاجين هذا قالوا له: لاجين الصغير، وكان بعضهم يسميه لاجين شقير لأنه كان أشقر أزرق العينين معرق الوجه طويلا، وذكر أنه كان جركسى الجنس، وكان شجاعا مهيبا، موصوفا بالشجاعة والإقدام، وفيه دين وعقل، وكان يلعب بالرمح ويرمى بالنشاب فى غاية الاتقان، وظهرت له أمور من الشجاعة والإقدام فى وقائع كثيرة خصوصا فى نوبة أخذ طرابلس، وكان يصطلى الحرب بنفسه، ومما يدل على إقدامه ركوبه على الملك الأشرف وقتله، ثم ركوبه على السلطان الملك العادل كتبغا وقتل مماليكه.
وذكر عن القاضى حسام الدين الحنفى (١) أنه لما بلغه تجهيز قازان لغزو بلاد الإسلام شاهده مرارا يصلى ويقف على قدميه ويكشف رأسه ويسأل الله أن يطيل عمره حتى يلتقى مع قازان وجيشه. قال: فقلت له ليلة: يا خوند كيف يكون عزمك إذا صح أمر قازان؟ قال: يا قاضى حسام الدين كنت أختار من عسكر مصر ألفى فارس ممن أعرف فيه النجابة والفروسية، وأصدم قازان حيث كان، ولو كان فى عشرين ألف فارس، ويعطى الله النصر من يشاء، ولكن أنا خائف أن يدركنى الأجل قبل لقائه قال: قلت له: يا خوند الأعمال بالنيات.
وذكر فى السلطان أنه لما كان نائبا بالشام كان فى عنفوان شبابه، وكان مشغولا بلذة العيش فى اللهو والشغف بالشراب، وكان يعايش كبراء دمشق
(١) هو الحسن بن أحمد بن الحسن بن أنوشروان، قاضى القضاة حسام الدين الحنفى، المتوفى سنة ٦٩٩ هـ/ ١٢٩٩ م - المنهل الصافى.