ورؤسائها، ويتخذ لهم المجالس، وينعم ويهب، وكانت له مكارم كثيرة على أهلها، فلذلك أهل الشام كانوا يحبونه ويتعصبون له.
ومن كثرة انهماكه على الشراب واللهو والطرب [١٦٩] بلّغ الشجاعى خبره إلى السلطان الملك المنصور وعرفه أنه هتك حرمة السلطان بسبب معاشرته مع عامة دمشق وانهماكه على الشراب، فغضب السلطان عليه، وعرف الأمير حسام الدين النائب ما نقله الشجاعى عنه، فأخذ حسام الدين يرد عنه ويكذب الشجاعى ويقول: إنه صاحب غرض، ثم أمر السلطان بأن يكتب إليه كتاب، فكتب كتاب فيه توبيخ وتهديد ونهاه عن الشراب والمعاشرة مع أطراف الناس، وكذلك كتب إليه الأمير حسام الدين طرنطاى، فلما وقف على الكتابين قلل ما كان يرتكبه، وصار يقضى كثرة أوقاته فى الركوب إلى الصيد ونحوه، ويغيب فى ركوبه شهرا وشهرين، ويصحب معه الملاهى، وقطع على هذا لذة عظيمة من العيش، ولما كثر عليه العتب من السلطان رجّعه طرنطاى وسدّ خلله إلى أن ترك ذلك كله.
وكانت أيامه من أحسن ما تكون من العدل والإحسان إلى الرعايا، وكان دينا خيرا، مشفقا، كثير الصوم والعبادة، وقطع أكثر المكوس، وقال: إن عشت لاتركت مكسا واحدا، ولكن نائبه منكوتمر كان على خلاف ما ذكر، وكان يعمل ما يختاره، فوقع فى دولته الفساد وكان ما كان.
وكانت مدة مملكته سنتين وثلاث شهور، وقيل: ثلاث سنين وشهرين، وقيل، ثلاث سنين وستا وعشرين يوما، والأول أصح، (١) وكان عمره لما قتل