للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نحو خمسين سنة.

وقال صاحب النزهة: حكى لى بيجان مملوك الأمير شمس الدين قراسنقر حكاية غريبة اتفقت لأستاذه مع السلطان لاجين، وهى أنهما بعد قتل الأشرف خليل بن قلاون لما هربا ودخلا القاهرة، واختفى كل منهما فى مكان، فاختفى شمس الدين قراسنقر فى حارة بهاء الدين، واختفى لاجين فى مأذنة جامع ابن طولون - على ما ذكرنا فيما مضى (١) - رأى قراسنقر مناما عظيما فى حق لاجين، فلما أجتمعا وهما مختفيان قال له قراسنقر: يا أشقر والله لقد رأيت رؤيا عظيمة، ولكن أخاف إذا قصصتها عليك تطمعك نفسك وتغير نيتك وتغدر بى. فقال لاجين: لا يكون ذلك إن شاء الله، فآخر الأمر أحضرا مصحفا شريفا وتحالفا، وأكّدا اليمين أن أحدهما لا يخون الآخر؛ ثم شرع قراسنقر فقص المنام وقال: رأيتك راكبا وبين يديك خيول معقودة الأذناب مضفورة المعارف، (٢) مجللة الأرقاب (٣) على عادة مراكيب الملوك. قال: ثم نزلت وجلست على منبر وأنت لابس حلة الخلافة، وطلبتنى فأجلستنى بالقرب منك على ثالث الدرجات، وشرعت فى الحديث معى، ثم رفصتنى برجلك، فوقعت من المنبر، فاستيقظت عند وقوعى: وهذا يدل على قربى منك، ثم يجرى علىّ أمر من جهتك، ثم قال: يا أشقر النحس أنا والله حلفت وحلفتك فما أدرى هل تثبت على يمينك أم لا؟


(١) انظر ما سبق ص ٢١٤ وما بعدها.
(٢) أى أن معارف الخيول كانت منسوجة كل خصلة على حدثها - محيط المحيط.
(٣) «مجللة بالرقاب الذهب» فى السلوك ج‍ ١ ص ٨٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>