للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبقى الأمر على هذا إلى أن تسلطن لاجين واستناب قراسنقر، ثم قبض عليه؛ ولكن أخلى له مكانا فى بعض القاعات وأكرمه فى محبسه؛ وأوصى أن تعمل له أطعمة مفتخرة، ولا نقطع من عنده فاكهة، ولا حلاوة، وكل ما يختاره من الأشياء المستطرفة، [١٧٠] والمراسلات بينهما لا تنقطع، وكل وقت كان قراسنقر يسير إليه ويذكر له المنام المذكور ويسأل منه أن يجعل بشارة المنام الإفراج عنه وإرساله إلى أى مكان يشاء السلطان، وفى أثناء ذلك كان يذكّره الأيمان المؤكدة بينهما، وكان السلطان كلما سمع من ذلك تبسم ويبعث إليه السلام ويقول له: ما بقى إلا قليل.

وتمادى الأمر على ذلك إلى ليلة الجمعة التى قتل فيها السلطان، فأرسل إليه السلطان السلام ومعه فاكهة، وقال للرسول: قل للامير شمس الدين إنى اشتهيت بسلة بلحم قديد، ولا آكلها إن شاء الله إلا وأنت معى، فلما سمع قراسنقر بذلك استبشر وفرح غاية الفرح، ولما كانت ليلة قتله أرسل إليه بسلة مطبوخة، واعتذر بأنه صائم ولا يمكنه أن يفطر على بسلة، وفى الجمعة الأخرى تكون عندى إن شاء الله، فلما سمع قراسنقر ذلك أرسل إليه إنى منتظر لرؤيته ولو ساعة واحدة أو بكلمة واحدة، فإن فى خاطرى أن أراه قبل الموت، ولما سمع السلطان ذلك تبسم وقال للقاصد: اذهب إليه وسلم عليه، وعرفه أنه لا يجمعنى وإياه إلا يوم القيامة، فلما ورد إلى قراسنقر ذلك قال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم، وقتل السلطان فى تلك الليلة.

وحكى مجد الدين الحرمى وكيل بيت المال (١) قال: كان السلطان متزوجا


(١) «وكيل بيت المال المعمور ووصى بيت الملك الظاهر» فى كنز الدرر ج‍ ٨ ص ٣٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>