وفيها: قتل أباجى بن قرمشى وأخوه قراجين، وهؤلاء أولاد قرمشى كانوا ثلاثة إخوة من كبار المقدمين وأصحاب التوامين ببلد الشمال، وكانوا يضاهون نوغيه فى المنزلة والتقدم وعدّة العسكر، وكانوا قد اتفقوا معه على حرب طقطا، وشهدوه معه وعاضدوه فيه، فلما استقام لنوغيه الأمر تحكمت أولاده وهم جكا وتكا وطراى، ولم يحصل لأولاد قرمشى ما كانوا يؤملونه منهم، فوقع بينهم، وقصدوا الانفراد عنهم، وهم أباجى وقراجين وينجى، ومالوا إلى طقطا، فبلغ ذلك نوغيه وأولاده، فجرد أولاده وهم الثلاثة المذكورون ليردوهم ويمنعوهم من الإنحياز إلى طقطا، والتقى الجمعان واقتتلوا يومهم ذلك، وحجز بينهم الليل، فباتوا على تعبئتهم، فلما جن الليل هرب من عسكر أولاد قرمشى أمير يسمى قطغو مقدم ألف فارس، وانحاز إلى أولاد نوغيه، فأصبحوا وقد فقدوه هو وطائفته، فلم يتقدم أحد من الفريقين لحرب الآخر.
فلما كان المساء أضرم أولاد قرمشى نارا وأزمعوا الرجوع، فأرسل إليهم أولاد نوغيه ولاطفوهم وخدعوهم وقالوا لهم: ما الحاجة إلى الخلف والحرب ونحن أقرباء وألزام، والأولى ترك الشنان وتقرير الصلح كما كان، واستمالوا ينجى وهو الأصغر، فمال إليهم، وسألوه يلاطف أخويه ويسألهم فى الموادعة والمسالمة، فعاد إلى أباجى أخيه وأبلغه مقالتهم ولا طفه فى الاجتماع [١٨١] بهم، فانقاد إلى كلامه وتوجه بنفسه إليهم.
وأما قراجين أخوه فانه كان أثبتهم جأشا، وكان متوليا تدبير العسكر، ولم يتوجه مع أخيه، فراسلوا والدته فى توجهه، فأشارت إليه بالتوجه وتقرير الصلح، فتوجه، فلما حصل الأخوان أباجى وقراجين عند أولاد نوغيه قتلوهما، وشعر