فاتفق رأى الأمراء على أن يستفتوا فى أمرهم، فأفتوا بقتل الجميع لقوله تعالى {(وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ)} (١) … فلما أصبحوا نصبت لهم الأخشاب، وشنق منهم نحو خمسين نفرا من أكابرهم، وصلبوهم صلبا بشيعا بكلوتاتهم وشاشاتهم، ونادى عليهم المشاعلية: هذا جزاء من يقصد إقامة الفتنة بين المسلمين ويتجاسر على الملوك.
وطلب علاء الدين قطلوبرس العادلى فلم يجدوه، فنودى فى سائر الوطاق أن من أخفاه شنق.
وكان قطلوبرس تلك الليلة قد جهز أمره الجميع، وكان عزمه أن الأمر الذى عزم عليه إن جاء على وفق مراده ينشر سنجقه ويتظاهر بالركوب، وإن كان بخلاف ذلك ينجو بنفسه، فلما تحقق أن الأمر انقلب عليه خرج مختفيا من أصحابه، واستصحب معه ما يعز عليه من المال، فجاء إلى غزة واختفى بها عند بعض أصحابه.
وما علموا خبره إلا بعد يومين، وأمروا بنهب وطاقه، وجميع ماله من الدواب، وتركوا المصلوبين ثلاثة أيام، وأنزلوهم فى اليوم الرابع، فحصل بسبب ذلك بكاء وتألّم، وجافت الأرض من روائح أجسادهم.
ثم قصدوا الرحيل، واجتمع الأمراء البرجية، وقالوا لبيبرس نحن ما نرحل حتى نأخذ ما بقى من غرمائنا من المماليك السلطانية، وعرفوا بيبرس أن الأمير سلار ربما كانت له يد فيما اتفق، فاتهموه، فبلغ ذلك الأمير سلار فخاف فى نفسه وقال: إن لم أدارهم فى ذلك قامت الفتنة. ولما تكلم معه الأمير بيبرس