للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السهام، لأن ذلك أثبت لهم وأسكن، وكذلك كان، فإنه لما وقعت الصدمة، وتحركت العساكر، وأوقد الزراقون نفطهم، واعتقد المسلمون - على ما عهدوه من اللقاء فى المصاف - أنه ساعة يحمل الجيش يحمل أيضا جيش العدو، فتقع الصدمة من الطائفتين، ويعطى الله النصر لمن يشاء.

ولما حملت العساكر وخرجت الخيول بقوة بأسها، وحدة شوطها، حتى قربوا من وجه العدو، لم يتحرك منهم أحد، ولا انزعج جيشهم، فلما شاهدوا ذلك منهم قلّ عزمهم، وانطفأ النفط الذى كان مع الزراقين فى مقدم الجيش، لأنهم كانوا أوقدوه من بعد على أنهم يتقدمون لهم، فبينما تقدم عسكر المسلمين إليهم مع بعد المسافة وثبات العدو وعدم حركتهم فرغ البارود، وبردت الهمة، بعيد ذلك حملت التتار حملة صادقة حتى اختلطوا بالمسلمين (١)، وأصابت سهامهم خيلا كثيرا منهم، ورموا فرسانها.

وأول ما أرجفوا طائفة العرب بأن أوهنوهم وأوهنوا خيولهم بالسهام، فكانوا سبب كسر الميمنة وفسادها، فإن الميمنة ولّت على أعقابها، فجاءت الهزيمة على الجيش الحلبى، فاستقلوا بأنفسهم، وأدركهم الموت، فرجع العسكر الحلبى


(١) «فلما كان نهار الأربعاء تاسع وعشرين ربيع الأول التقى الجيشان» - فى كنز الدرر ج‍ ٩ ص ١٦. فى نهاية الأرب ج‍ ٢٧ ص ٤١١ «يوم الأربعاء ثامن وعشرين شهر ربيع الأول».
وفى التوفيقات الإلهامية أن أول شهر ربيع الأول يوم خميس»، وعلى ذلك يكون الأربعاء الذى تمت فيه المعركة يوم ٢٨ ربيع الأول، ويؤكد ذلك ما ورد فى التحفة الملوكية: «وذلك فى يوم الأربعاء الثامن والعشرين من شهر ربيع الأول من سنة تسع وتسعين وستمائة» - التحفة الملوكية ص ١٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>