للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما رأيناهم قد تجاوزوا فى البغى غاية الحدّ، واتخذوا المملكة لعبا واتكلوا على الجد، واغتروا بعدم التفاتنا إليهم، فكان (١) ذلك وبالا عليهم، لأنا رفعنا التنازع بيننا وبين أقاربنا، وجعلنا قصد مهلكتهم من مطالبنا، خشينا [٢١٣] أن جيوشنا تستأصل من المسلمين الأصاغر والأكابر، فأرسلنا إليهم رسلا ينذرونهم ويحذّرونهم ويذكرونهم، فحبسوا الرسل وقطعوا السبل، ثم حملهم الجهل والغرة على مقابلة جيوشنا ومقاتلتهم، وتمثلوا فى أنفسهم الغلبة فأقدموا على مماثلتهم، وكانوا قد عاجلونا وأكثر عساكرنا لم يركبوا خيولهم ولم يشهدوا الحرب، لما لم يعلموا تعجيلهم، وما لقيهم غير تسعة آلاف كانوا قد ركبوا معنا، فلقونا بأجمعهم، وما قابلوا جمعنا، وكان [من] (٢) أمرهم ما كان، وتبين لذوى البصائر أن الله لم يرض منهم ذلك العدوان، فاجتمعت معنا أمراء دولتنا، وذكروا لنا أن هذه الطائفة من المماليك لهم أربعون سنة يقصدون الحصون فيخربونها، والمدن المستصعبة فيدمّرونها، حتى إنهم خرّبوا من البلاد وقتلوا من العباد ما يعادل أهل مصر والشام، وأوضحوا فى ذلك مقول الكلام، والمصلحة أننا نشن الغارة (٣) على الشام من غزّة إلى الفرات، وينقل من فيها من الرعية فيعمّر بها ما خرّبوا ليقابل الفاسد بمثله، فما قبلنا مشورتهم، وقلنا: نحن لم نرض [فعلهم، ا] (٤) فنصير بما فعلوا مثلهم، وأعرضنا عن ذلك، ورحمنا الرعية، وجعلنا مأمنهم أول نعمة لله عليهم، ومبدأ عطية، وإن كان قد وقع إلى أحد من عساكرنا بعض من استضعف


(١) «وكان» - فى زبدة الفكرة.
(٢) [] إضافة من زبدة الفكرة.
(٣) «الغارات» - فى زبدة الفكرة.
(٤) [] إضافة من زبدة الفكرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>