بذلك. فقال الأمير سلار: ما بقى يمكن الكلام فيما قصدناه دون أن نجتمع بالقاضى ونعرفه بالأمر ونسأله هل هذا جائز أم لا؟ فإذا امتنع أخرجنا له فتوى الشيخ عز الدين بن عبد السلام. ففى بكرة النهار إنزلوا إليه، وسلموا عليه واسألوه (١) الاجتماع بنا لالتماس بركته، فلما أصبحوا نزلوا إليه وبلّغوه الرسالة، فقام وركب وجاء عند الأمراء، والكل حاضرون عند الأمير سلار، فلما رأوه قاموا كلهم وتلقوه من أسفل الإيوان، وأخذ السلار بيمينه والأمير بيبرس بشماله إلى أن أجلساه بينهما، وبقية الأمراء جلسوا بين يديه، وتأنّسوا به حتى فتحوا له باب النفقات [٢٢١] وقلة الحواصل فى بيت المال وبينوا له الضرورات، ثم ذكروا له أمر الفتوى. فقال الشيخ: أيها الأمراء ما المانع لما تفعلوه إذا رسمتم بشئ ولا ثمة أحد يخالف. وقال الأمير سلار: يا سيدى نريد أن يكون معنا فتوى حتى لا نقع فى أمر غير جائز، فيحصل علينا الإثم.
فقال الشيخ: أما الفتوى فما يمكن أن أكتبها فى مثل هذا. فقال له مجد الدين ابن الخشاب المحتسب: يا سيدى هذا خط الشيخ عز الدين بن عبد السلام كتبها فى أيام الملك مظفر قطز، فنظر إليه وتبسم وقال: يا فقيه تعرف كيف أفتى الشيخ عز الدين فى ذلك الوقت؟ قال: لا. فقال لما سألوه الفتوى، قال لهم: إن الفتوى فى هذا لها شروط إن فعلتموها صحّت الفتوى. فقالوا:
ما هى؟ فقال: أن يتقدم كل أمير منكم ويحلف بالله أنه لا يملك فضة ولا ذهبا ولا لزوجته وأولاده مصاغ ولا غيره، فلما سمعوا هذا من الشيخ قام كل منهم وأحضر من موجوده وموجود أهله من حلىّ وغيره، ثم حلف كل واحد منهم أنه