للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما حديث من أغار على ماردين فمن (١) رجّالة بلادنا المتطرفة، وما نسبوه إليهم من الإقدام على الأمور البديعة، والأحوال الشنيعة. وقولهم إنهم أنفوا من تهجّمهم، وغاروا من تقحمهم، واقتضت الحمية ركوبهم فى مقابلة ذلك، فقد تلمّحنا هذه الصورة التى أقاموها عذرا فى العدوان، وجعلوها سببا إلى ما ارتكبوه من طغيان، فالجواب (٢) عن ذلك أن الغارات من الطرفين، لم يحصل من المهادنة والموادعة ما يكف يدها الممتدة، ولا يغير هممها المستعدة، وقد كان آباؤكم وأجدادكم على ما علمتم من الكفر والنفاق، وعدم المصافاة للإسلام والوفاق، ولم يزل ملك ماردين ورعاياه منفذين ما يصدر من الأذى للبلاد والعباد، عنهم متوليّين، كبر مكرهم، والله تعالى يقول: {(وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)} (٣).

وحيث جعلتم هذا ذنبا موجبا للحمية الجاهلية، وحاملا على الانتصار الذى زعمتم أن هممكم به مليّة، فقد كان هذا القصد الذى ادعيتموه يتم بالانتقام من [أهل (٤)] تلك الأطراف التى أوجب ذلك فعلها، والاقتصار على أخذ الثأر ممن ثار، اتباعا لقوله تعالى: {(وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها)} (٥) لا أن تقصدوا الإسلام بالجموع الملفقة على اختلاف الأديان، وتطأوا البقاع الطاهرة بعبدة الصلبان، وتنتهكوا حرمة البيت المقدس الذى هو ثانى بيت [الله (٦)] الحرام، وشقيق مسجد


(١) «من» فى زبدة الفكرة.
(٢) «والجواب» فى زبدة الفكرة.
(٣) جزء من الآية رقم ٥١ من سورة المائدة رقم ٥.
(٤) [] إضافة من زبدة الفكرة.
(٥) جزء من الآية، رقم ٤٠ من سورة الشورى رقم ٤٢.
(٦) [] إضافة من زبدة الفكرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>