للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رسول الله عليه الصلاة والسلام، وإن احتججتم بأن زمام تلك الغارة (١) بيدنا، وسبب تعدّيهم من سببنا، فقد أوضحنا الجواب عن ذلك، وأن عدم الصلح والموادعة أوجب سلوك هذه المسالك.

وأما ما ادعوه من سلوك سنن المرسلين، واقتفاء آثار المتقدمين فى إنفاذ الرسل أولا، فقد تلمحنا هذه الصورة، وفهمنا ما أوردوه من الآيات المسطورة، والجواب عن ذلك أنهم (٢) ما وصلوا إلا وقد دنت الخيام من الخيام، وناضلت السهام عن السهام، وشارف القوم القوم، ولم يبق للقاء إلا يوم أو بعض يوم، وأشرعت الأسنة من الجانبين، ورأى كلّ خصمه رأى العين، ولا نحن (٣) ممن لاحت له رغبة راغب، فتشاغل عنها ولها، ولا ممن يسالم فيقابل ذلك بجفوة النفار والله تعالى يقول: {(وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها)} (٤). كيف والكتاب بعنوانه، وأمير المؤمنين على بن أبى طالب رضى الله عنه يقول: ما أضمر الإنسان شيئا إلا أظهره (٥) الله فى صفحات وجهه وفلتات لسانه. ولو كان حضور هؤلاء الرسل والسيوف وادعة فى أغمادها، والأسنة مستكنة فى أعوادها، والسهام غير مفوقة، والأعنة غير مطلقة، لسمعنا خطابهم، وأعدنا جوابهم.

وأما ما أطلقوا به لسان قلمهم، وأبدوه من غليظ كلمهم فى قولهم: فصبرنا على تماديكم [٢٥٣] فى غيّكم، وإخلادكم إلى بغيكم، فأىّ صبر ممن أرسل


(١) «الغيارة» فى الأصل، و «الغبارة» فى زبدة الفكرة.
(٢) «أن هؤلاء الرسل» - فى زبدة الفكرة.
(٣) «وما نحن» - فى زبدة الفكرة.
(٤) جزء من الآية رقم ٦١ من سورة الأنفال رقم ٨.
(٥) «إلا ظهر» - فى زبدة الفكرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>